"لو شاء الله لقال: أنتم، فكنا كلنا. ولكن قال: "كنتم" في خاصة من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن صنع مثل صنيعهم، كانوا خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.

وفي مناسبة أخرى قال: "كنتم خير أمة أخرجت للناس"، تكون لأولنا ولا تكون لآخرنا.

وفي حجة حجها قرأ هذه الآية ثم قال: يا أيها الناس من سره أن يكون من تلك الأمة فليؤد شرط الله فيها.

وعن ابن عباس في تفسير الذين هم خير أمة أخرجت للناس، قال: هم الذين هاجروا من مكة إلى المدينة.

وعن أبي هريرة في تفسير الآية المذكورة: كنتم خير الناس للناس تجيئون بهم في السلاسل تدخلونهم في الإسلام1. ليدخلوا الجنة.

والملاحظة الثامنة، إن سعة دائرة الأمرة يحددها -مدى التواصل والاتصال- الذي تحدده تكنولوجيا العصر. فحين كان الإنسان يسير على قدميه، ويتواصل مشافهة مع بني جنسه تحددت دائرة الأمة بالحدود الجغرافية، التي أمكنه التحرك داخلها. وحين ركب الحمير، والخيل اتسعت الدائرة لتشمل أكثر من قريته، وحين اكتشف العربات التي تجرها الخيول ورموز الكلمات والكتابة ازدادت سعة دائرة الأمة لتشمل القارة حتى إذا وقف على عتبة ركوب الفضاء، والتواصل بالتلكس والتلفون والفاكس رسمت الرسالة الإسلامية للأمة دائرة تتسع للإنسانية كلها.

ويرتبط بهذا التطور الجغرافي لسعة رقعة الأمة تطور اجتماعي مواز يوسع دائرة القيم في كل طور فينقلها من القيم الأسرية إلى القبلية ثم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015