ولكن المشكلة التي برزت هي كيفية تحديد مفهوم -المصلحة العامة- والفرق بينها وبين المصلحة الخاصة، وأين هو حد التوافق بين المصلحتين1.
ونتيجة لذلك كله برز رأي آخر دعا إلى صياغة أهداف التربية الأخلاقية طبقا لما أسماه بـ -نظرية الاكتفاء بالحد الأدنى من الأخلاق- وتسمى بالإنجليزية 2The Minimalist View. وحجة أصحاب هذا الرأي أن الحد الأدنى يوفر للأفراد أن يعيشوا حياتهم الخاصة دون خوف من الأذى الجسدي، أو الغش أو الخداع أو العدوان والإهانة. فإذا تم ذلك قام المجتمع المثالي. والمجتمع المثالي هو الذي لا يحتاج فيه أحد إلى أحد، وإنما يقف كل فرد فيه مستقلا بأموره. ويعلق -جون وايت- على هذه النظرية فيقول:
"والحد الأدنى للأخلاق مقياس واقعي؛ لأنه يراعي اهتمام الفرد برغباته الخاصة، فالمسيحية ومثلها الفلسفات التي تنادي بالحب العام تتجاهل الطبيعة الإنسانية،
إذ ليس بمقدور الإنسان العادي أن يؤثر غيره على نفسه. والقديسون هم نادرو الوجود ولا قياس عليهم. والتربية تستطيع من حيث المبدأ أن تجعل منا قديسين، ولكن ثمن ذلك هو العبث بالطبيعة الإنسانية التي نعرفها. ويمكن أن يجري غسل أدمغتنا لنؤثر غيرنا على أنفسنا، ولكن ما هو المقابل لذلك؟ وما حق الغاسلين في تغيير طبائعنا؟
فالحد الأدنى للأخلاق -إذن- هو المقياس الملائم للمجتمع الرأسمالي الذي ينشد الربح الخاص. وهو الذي يتلاءم مع أهداف التربية التي تجعل رغبات الفرد محور اهتماماتها. وهو مقياس مرن يسمح للناس أن يتعاملوا مع بعضهم البعض كما يرغبون"3.