الكمال والتوازن. ومعنى ذلك أن التربية يجب أن تتمركز حول التلميذ، ولا شيء سوى ذلك.
ويعلق -جون وايت- على هذه الآراء مجتمعة بقوله: إن المشكلة في هذه التفسيرات كلها أنها تجرد "مصلحة الفرد" من القيم وتفرغها من الفضائل والتعقل، وتبقي الفرد شبيها بالحيوان الذي يتصرف طبقا لغرائزه دون أن يكون لديه ما يوجه أعماله وعلاقاته مع الآخرين، كما يحرمه من النظرات المستقبلية1.
وثمة مظهر آخر لإهمال "المثل الأعلى" يتمثل في الجدل الدائر حول قيمة الفضائل الأخلاقية، التي يجب أن تتضمنها أهداف تربية الفرد.
وخلاصة هذا الجدال أنه يصعب تجاهل الأهداف الأخلاقية بسبب الحاجة إلى ضوابط، ومقاييس تنظم العلاقات بين الأفراد. ولكن يصعب أيضًا تحديد مفهوم محدد واضح للفضائل الأخلاقية بحيث لا يتناقض هذا المفهوم مع الهدف الأساسي، وهو "إشباع الفرد" الذي مر شرحه.
لقد تناولت الفلسفات التربوية هذه المشكلة، وعرفتها تعريفات متعددة. فبعضها -كالفلسفة البراجماتية- قالت: إن رغبات الفرد هي فضائل في حد ذاتها، وبعضها قال بتوفير الفرصة للفرد ليفهم الأخلاق، ثم تترك له الحرية ليمارس منها ما يشاء، فبينما رأت مدارس أخرى أن الفضيلة هي إبداعات عقلية تترك للفرد نفسه. ولكن المشكلة التي تشترك بها جميع الفلسفات التربوية هي الافتقار إلى حل التناقض بين "إشباع رغبات الفرد"، وأهداف التربية الأخلاقية.
وإزاء العجز عن تحديد العلاقة بين "إشباع رغبات الفرد"، وبين التربية الأخلاقية برز رأي يقول باقتصار التربية على ما فيه -المصلحة العامة.