فألقى الشيطان في أمنيته فقال: إنّ الآلهة التي تدعى، إنّ شفاعتها لترتجى، وإنها لبالغرانيق العلى، فنسخ الله ذلك، وأحكم آياته، فقال {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (21)} حتى بلغ {مِنْ سُلْطَانٍ} [النجم: 19 - 23].
وقال: لما ألقى الشيطان ما ألقى قال المشركون: قد ذكر الله آلهتكم بخير، ففرحوا بذلك، فذلك قوله {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} [الحج: 53].
وأخرجه الطبري (7/ 191) عن الحسن بن يحيى أنا عبد الرزاق به.
وأخرجه أيضاً عن محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة به إلا أنه قال فيه: كان يتمنى أن لا يعيب الله آلهة المشركين.
ورواته ثقات.
وأما حديث الضحاك فأخرجه الطبري (17/ 189) قال: حُدثت عن الحسين بن الفرح: سمعت أبا معاذ يقول: أنا عبيد قال: سمعت الضحاك يقول في قوله {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ} [الحج: 52] الآية، أنّ نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بمكة أنزل الله عليه في آلهة العرب، فجعل يتلو اللات والعزى ويكثر ترديدها، فسمع أهل مكة نبي الله يذكر آلهتهم، ففرحوا بذلك ودنوا يستمعون، فألقى الشيطان في تلاوة النبي - صلى الله عليه وسلم -: تلك الغرانيق العلى، منها الشفاعة ترتجى، فقرأها النبي - صلى الله عليه وسلم - كذلك، فأنزل الله عليه {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ} [الحج: 52] إلى قوله {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النساء: 52].
والحسين بن الفرج كذبه ابن معين، وقال أبو زرعة: لا شيء، وقال أبو الشيخ: ليس بالقوي، وأبو معاذ هو الفضل بن خالد النحوي، وعبيد هو ابن سليمان الباهلي ذكرهما ابن حبان في "الثقات".
وأما حديث عروة فأخرجه الطبراني في "الكبير" (8316) عن محمد بن عمرو بن خالد الحرّاني ثنا أبي ثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة قال: فذكر حديثا طويلا وفيه: وقال المشركون من قريش: لو كان هذا الرجل يذكر آلهتنا بخير أقررناه وأصحابه، فإنه لا يذكر أحدا ممن خالف دينه من اليهود والنصاري بمثل الذي يذكر به آلهتنا من الشتم والشر، فلما أنزل الله عز وجل السورة التي يذكر فيها {وَالنَّجْمِ} [النجم: 1] وقرأ {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)} ألقى الشيطان فيها عند ذلك ذكر الطواغيت فقال: وإنهنّ لمن الغرانيق العلى، وإنّ شفاعتهم لترجى. وذكر باقي الحديث.
قال الهيثمي: رواه الطبراني وفيه ابن لهيعة، ولا يحتمل هذا من ابن لهيعة" المجمع 6/ 34 و7/ 72