قال الحافظ: أخرجه ابن أبي حاتم والطبري وابن المنذر من طرق عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير قال: فذكره، وأخرجه البزار وابن مردويه من طريق أمية بن خالد عن شعبة فقال في إسناده: عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فيما أحسب ثم ساق الحديث.
وقال البزار: لا يُروى متصلاً إلا بهذا الإسناد تفرد بوصله أمية بن خالد وهو ثقة مشهور، قال: وإنما يروى هذا من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، انتهى.
والكلبي متروك ولا يعتمد عليه. وكذا أخرجه النحاس بسند آخر فيه الواقدي، وذكره ابن إسحاق في السيرة مطولاً وأسندها عن محمد بن كعب، وكذلك موسى بن عقبة في "المغازي" عن ابن شهاب الزهري، وكذا ذكره أبو معشر في "السيرة" له عن محمد بن كعب القرظى ومحمد بن قيس، وأورده من طريقه الطبري، وأورده ابن أبي حاتم من طريق اْسباط عن السُّدِّى، ورواه ابن مردويه من طريق عباد بن صهيب عن يحيى بن كثير عن الكلبي عن أبي صالح، وعن أبي بكر الهذلي وأيوب عن عكرمة، وسليمان التيمي عمن حدثه، ثلاثتهم عن ابن عباس. وأوردها الطبري أيضاً من طريق العوفي عن ابن عباس ومعناهم كلهم في ذلك واحد، وكلها سوى طريق سعيد بن جبير إما ضعيف وإما منقطع، لكن كثرة الطرق تدل على أنّ للقصة أصلا مع أنّ لها طريقين آخرين مرسلين رجالهما على شرط الصحيحين، أحدهما: ما أخرجه الطبري من طريق يونس بن يزيد عن ابن شهاب: حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فذكر نحوه. والثاني: ما أخرجه أيضاً من طريق المعتمر بن سليمان وحماد بن سلمة فرقهما عن داود بن أبي هند عن أبي العالية.
وقد تجرأ أبو بكر بن العربي كعادته فقال: ذكر الطبري في ذلك روايات كثيرة باطلة لا أصل لها، وهو إطلاق مردود عليه. وكذا قول عياض: هذا الحديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة ولا رواه ثقة بسند سليم متصل مع ضعف نقلته واضطراب رواياته وانقطاع إسناده، وكذا قوله: ومن حملت عنه هذه القصة من التابعين والمفسرين لم يسندها أحد منهم ولا رفعها إلى صاحب، وأكثر الطرق عنهم في ذلك ضعيفة واهية، قال: وقد بين البزار أنه لا يعرف من طريق يجوز ذكره إلا طريق أبي بشر عن سعيد بن جبير مع الشك الذي وقع في وصله. وأما الكلبي فلا تجوز الرواية عنه لقوة ضعفه، ثم رده من طريق النظر بأنّ ذلك لو وقع لارتد كثير ممن أسلم، قال: ولم ينقل ذلك، انتهى. وجميع ذلك لا يتمشى على القواعد فإنّ الطرق إذا كثرت وتباينت مخارجها دل ذلك على أنّ لها أصلا، وقد ذكرت أنّ ثلاثة أسانيد منها على شرط الصحيح وهي مراسيل يحتج بمثلها من يحتج بالمرسل، وكذا من لا يحتج به لاعتضاد بعضها ببعض" (?)