ولا تخلو كتب التَّفسير المطوَّلةُ من تفسير الأحكام القرآنيَّة والاستطراد في مسائل الفقه؛ كتفسيرِ الطَّبريِّ (ت: 310)، وتفسيرِ ابن عطيَّةَ الأندلسيِّ (ت: 542)، وتفسيرِ ابن كثيرٍ الدِّمشقيِّ (ت: 774)، وتفسيرِ أبي حيَّانَ الأندلسيِّ (ت: 745).
وقد كانت طريقةُ ترتيبِ كتبِ الأحكامِ على منهجينِ:
الأوَّلُ: ترتيبُ الكتابِ على سورِ القرآنِ، فيبتدأُ بالفاتحةِ، ويختمُ بالنَّاسِ، وعلى هذا أغلبُ كتبِ أحكامِ القرآنِ.
الثاني: ترتيبُ الكتابِ على أبوابِ الفقه، وعلى هذا سار أبو جعفر الطَّحاويُّ (ت: 321).
ويظهر على كتبِ أحكامِ القرآنِ عمومًا الميلُ إلى المذهبِ الذي يتمذهبُ به صاحبُ الكتابِ، فالطَّحاويُّ (ت: 321) يذهبُ بالمسائل التي ذكرَها إلى إبرازِ المذهبِ الحنفيِّ الذي ينتمي إليه، وابن العربيِّ (ت: 543) يذهبُ بالمسائل التي ذكرَها إلى إبرازِ المذهبِ المالكيِّ الذي ينتمي إليه، وكذا غيرُهم، مهما وُصِفَ باعتدالِه في بيانِ المذهبِ الراجِحِ؛ لأنَّ المذهبَ الذي نشأ عليه غَلاَّبٌ.
ويكفي في التَّمثيلِ لهذه المسألةِ أن ترى المسائلَ التي عقدها الطَّحاويُّ (ت: 321) في كتابِه، فإنَّك ستجدُ ـ في أغلبِ المسائلِ ـ النَّصَّ على مذهبِ أبي حنيفةِ (ت: 150) وأصحابِه (?).
بل قد يتعدَّى الأمرُ إلى غمطِ المخالفين، والاستطالة عليهم بما لا