أحسنِ الوجوهِ، وأبعدِها من التكلُّفِ، وأسوغِها في لسان العربِ.
ولسنا كمن جعلَ كتابَ الله تعالى كشعرِ امرئ القيسِ، وشعرِ الأعشى، يحملُه على جميعِ ما يحتملُه اللَّفظُ من وجوه الاحتمالات. فكما أنَّ كلامَ اللهِ من أفصحِ الكلامِ، فكذلك ينبغي إعرابه على أفصح الوجوه ...» (?).
* وقال ناقدًا الزَّمَخْشَريَّ (ت: 538) في تقديره «خَمَدَتْ» جوابًا محذوفًا لقوله تعالى: {فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ} [البقرة: 17]، وفي ادِّعائه أنَّ الحذف أولى، قال: «... الذي يقتضيه ترتيبُ الكلامِ وصحَّتُهُ ووضعُهُ مواضِعَهُ أن يكونَ {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} هو الجوابَ، فإذا جعلتَ غيره الجوابَ، مع قوَّةِ ترتيبِ ذهابِ اللهِ بنورِهم على الإضاءةِ، كان ذلك من بابِ اللُّغزِ؛ إذ تركتَ شيئًا يُبادِرُ إلى الفَهْمِ، وأضمرتَ شيئًا يحتاجُ في تقديرِه إلى وَحْيٍ يُسفِرُ عنه، إذ لا يدلُّ على حذفه اللَّفظُ مع وجودِ تركيبِ {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ}.
ولم يكتفِ الزَّمَخْشَرِيُّ بأن جَوَّزَ حذفَ هذا الجوابِ حتَّى ادعى أنَّ الحذفَ أولى، وقال: «وكانَ الحذفُ أولى من الإثبات، لما فيه من الوجازة مع الإعرابِ عن الصِّفةِ التي حصلَ عليها المستوقدُ بما هو أبلغُ للَّفظِ في أداءِ المعنى؛ كأنَّه قيلَ: فلما أضاءت ما حوله خمدت، فبقوا خابطينَ في ظلامٍ، متحيِّرينَ، متحسِّرينَ على فَوتِ الضَّوءِ، خائبين بعد الكدحِ في إحياءِ النَّارِ» (?) انتهى.
وهذا الذي ذكره نوعٌ من الخطابةِ، لا طائلَ تحتها؛ لأنَّه كان يمكنُ