وعلى قياس سيبويه ـ في قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ} [النحل: 66]: إنَّ الهاء في قوله: {فِي بُطُونِهِ} يعودُ إلى {الأَنْعَامِ} ـ يجيءُ قولٌ ثالثٌ في هذه الآيةِ، وهو أن يعودَ الهاء من قوله: {فَاتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ}؛ أي: من مثلِ الأندادِ؛ لأنَّ الأندادَ ذُكِرَتْ قبلُ في قولِه: {فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} [البقرة: 23]» (?).
والقولان الأوَّلانِ هما المعروفانِ في التَّفسيرِ (?)، وهذا التَّوجيهُ الإعرابيُّ الثالثُ غريبٌ جدًّا، ولا يخفى ضعفُه على متأمِّلٍ، وإنما ساقه إليه الحرصُ على بيان ما تحتمله الآيةُ من إعراباتٍ، وإن لم يكنِ السياقُ شاهدًا لها.
وقد أشار ابن القيم (ت: 751) إلى مشكلةِ التَّقديراتِ النَّحويَّةِ التي يذكرُها بعضهم، فقال: «قوله تعالى: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} [سبأ: 37]، فمَنْ آمن ليس داخلاً في الأموالِ والأولادِ، ولكنه من الكلامِ المحمولِ على المعنى؛ لأنه تعالى أخبرَ أنَّ أموالَ العبادِ وأولادَهم لا تُقَرِّبُهم إليه، وذلك يتضمَّنُ أنَّ أربابَها ليسوا هم من المقربينَ إليه، فاستثنى منهم من آمنَ وعَمِلَ صالحًا؛ أي: لا قريبَ عنده إلا من آمنَ وعَمِلَ صالحًا، سواءٌ كان له مالٌ وولدٌ، أو لم يكن له.
والانقطاعُ فيه أظهرُ، فإنَّه تعالى نَفَى قُرْبَ النَّاسِ إليه بأموالِهم وأولادِهم وأثبتَ قُرْبَهم عنده بإيمانِهم وعملهم الصَّالِحِ.
فتقديرُ «لكن» ههنا أظهرُ من تقديرِ الاتصالِ في هذا الاستثناءِ، وإذا