ولهذا تجدُ أنَّ علمَ النَّحوِ يساعدُ في ردِّ بعضِ الأوجُه التَّفسيريَّةِ التي تردُ عن بعضِ المفسِّرينَ أو المعربين، ومن ذلك ما قاله ابن كثيرٍ الدِّمشقيُّ (ت: 774): «وقوله تعالى: {آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ} [الذاريات: 16]، قال ابن جرير؛ أي: عاملينَ بما آتاهم الله من الفرائضِ.

{إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ} [الذاريات: 16]؛ أي: قبلَ أن يفرض عليهم الفرائض كانوا محسنين في الأعمالِ أيضًا، ثمَّ روى عن ابن حميد، حدثنا مهران، عن سفيان، عن أبي عمر، عن مسلم البطين، عن ابن عباس في قوله: {آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ}، قال: الفرائض، {إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ}: قبل الفرائض يعملونَ.

وهذا الإسنادُ ضعيفٌ، ولا يصحُّ عن ابن عباسٍ، وقد رواه عثمان بن أبي شيبة، عن معاوية بن هشام، عن سفيان، عن أبي عمر البزَّار، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره.

والذي فسَّرَ به ابن جرير فيه نظرٌ؛ لأنَّ قوله: {آخِذِينَ} حالٌ من قولِه: {فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الذاريات: 15]، فالمتقونَ في حالِ كونِهم في الجنَّاتِ والعيونِ آخذينَ ما آتاهم ربُّهم؛ أي: من النعيمِ والسُّرورِ والغِبطةِ» (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015