الحمدُ لله الذين أتمَّ لي هذا الكتاب، وأسألُه أن يعينني في حياتي ومماتي، وأصلي وأسلمُ على رسوله المصطفى وعلى آله وأصحابِه النُّجباء، وعلى من تبعه إلى يومِ الدِّينِ، وبعد:
فقد أنهيتُ هذا الكتابَ على ما فيه من القصورِ، وأرجو أن أستطيعَ تسديدَ ما تركتُه من جوانبِه، وتكميلَ ما نقصَ من أطرافِه.
والكتابُ لو بقيَ دهرًا عند صاحبِه يُعدِّلُ فيه بنقصٍ أو زيادةٍ أو تعديلٍ، لما خرجَ للناسِ؛ لأنَّه يبدو له في كلِّ مرَّةٍ نظرٌ جديدٌ، ورأيٌ مخبوءٌ، وعلمٌ مكنوزٌ.
ولا شكَّ أنَّه يمرُّ بالكاتبِ مثلُ هذا؛ لكنَّه يُخرجُ كتابَه حينَ يُخرجُه، وهو على أحسنِ ما يريدُ أو يُقاربُه، قال أستاذ البلغاء القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني للعماد الأصفهاني ـ معتذرًا عن كلام استدركه عليه ـ: «إنه قد وقع لي شيءٌ، وما أدري أوقعَ لك أم لا، وها أنا أخبرُك به: وذلك أنِّي رأيتُ أنَّه لا يكتب إنسانٌ كتابَه في يومِه إلا قال في غَدِهِ: لو غُيِّرَ هذا لكانَ أحسن، ولو زيد هذا لكان يستحسن، ولو قُدِّمَ هذا لكان أفضل، ولو ترك هذا لكان أجمل، وهذا من أعظمِ العِبَرِ، وهو دليل على استيلاء النَّقصِ على جُمْلَةِ البشرِ» (?).