والأمثلةُ في علاقة الوقوفِ بالتَّفسيرِ كثيرةٌ، ويكفي في بيانها هذا المثالُ، ومن الأمثلةِ التي هي مرتبطةٌ بالتَّفسيرِ، ولها علاقةٌ بعلمِ الفقهِ، ما ورد في آيةِ القذفِ من سورة النور، وهي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَاتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ *إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 4، 5].
فمن لم ير قبول شهادة القاذف بعد التوبة، كان الوقف عنده على قوله تعالى: {وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا}.
ومن كان رأيُه قبولَ شهادةِ القاذفِ بعد التَّوبة، كان الكلامُ عنده متَّصِلاً، وكانَ الوقفُ عنده على قول الله تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (?).
هذا، وَوُجودُ بابٍ في علمِ التَّجويدِ يتعلَّقُ بالوقفِ والابتداءِ لا يعني أنَّه نابعٌ من علمِ القراءةِ، بل هو أثرٌ من آثارِ التَّفسير، ولكن إذا بانَ المعنى، ظهرَ للقارئ مكانُ الوقفِ، وهذا يعني أنَّه إنَّما يتعلَّقُ بالأداءِ بعد فهمِ المعنى؛ لأنَّ القارئَ يَحْسُنُ أداؤه بإبرازِ المعاني بالوقفِ على ما يتمُّ منها، وبه تظهرُ جودةُ ترتيلِه، والله أعلم.
ولا تخلو كتبُ علمِ الوقفِ والابتداءِ من حكايةِ بعضِ الوقوفِ الغريبة، التي قد يستملحها بعضُ النَّاسِ، ولكنَّها خلافُ الظاهرِ المتبادرِ من نظم القرآنِ، ومن أمثلةِ ذلكَ:
ما وردَ من الوقفِ على لفظِ «ربكم»، والابتداء بقوله: {عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} في قوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ