عنه بقوله: (لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ) .
أى تصرفهم فيها بالتجارات متنعمين؟
قلنا: معناه لا يغرنكم أيها المؤمنون، فإن رئيس القوم ومقدمهم يخاطب بشىء والمراد به أتباعه وجماعته، الثانى: أنه عليه الصلاة والسلام كان غير مغتر بحالهم فقيل له ذلك تأكيداً لما كان عليه وتثبيتاً على الدوام عليه.
كما قيل له: (فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ) .
(وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ) .
* * *
قلنا: معناه لا تغتر بتقلبهم فيكون تقلبهم قد غرك، وهذا من تنزيل السبب منزلة المسبب لأن تقلبهم لو غره لأغتر به، فمنع السبب وهو غرور تقلبهم اياه، فيمتنع المسبب وهو اغتراره بتقلبهم.
* * *
فإن قيل: كيف قال: (لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ) .
ولم يقل: "لا يغرنك نعمهم وأموالهم " والذى يحتمل أن يغر الرسول والمؤمنين النعم والأموال لا التقلب في البلاد؟
قلنا: المراد بتقلبهم تصرفهم في التجارات والتنعم والتلذذ بالأموال، والفقير إنما يتألم وينكسر قلبه إذا رأى الغنى يتقلب في النعمة