قلنا: أراد الله تعالى بقوله: (وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) أن أمته يدعون أزواجه بأشرف الأسماء، وأشرف أسماء النساء الأم، وأشرف أسماء النبى عليه السلام رسول الله لا الأب، الثانى: أنه تعالى جعلهن أمهات
المؤمنين تحريماً لهن عليهم إجلالا وتعضيماً له عليه الصلاة والسلام كي لا يطمع أحد في نكاحهن
فلو جعل النبى عليه السلام أباً للمؤمنين لكان أبا للمؤمنات أيضاً فلم يحل له نكاح امرأة من المؤمنات، وذلك ينافى إجلاله وتعظيمه، وقد جعله أعظم من الأب في القرب والحرمة بقوله تعالى: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) فجعل أقرب إليهم من أنفسهم وأحب، وكثيراً من الآباء يتبرأ من ابنه، ويتبرأ منه ابنه أيضاً، وليس أحد يتبرأ من نفسه.
* * *
فإن قيل: كيف قدم النبى عليه السلام على نوح ومن بعده في قوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) ؟
قلنا: لأن هذا العطف من باب عطف الخاص على العام الذي هو جزء