فإن قيل: كيف قال تعالى هنا: (إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون) وقال تعالى في موضع آخر: (وإن منكم إلا واردها) وواردوها يكون قريبا منها لا بعيدا؟

والحرمة هنا بمعنى المنع كما في قوله تعالى: (وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ) وقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ) .

* * *

فإن قيل: كيف قال تعالى هنا: (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ)

وقال تعالى في موضع آخر: (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا) وواردوها يكون قريبا منها لا بعيداً؟

قلنا: معناه مبعدون عن آلامها وعذابها مع كونهم وارديها، أو معناه مبعدون عنها بعد ورودها بالانجاء المذكور بعد الورود، فلا تنافى بينهما.

* * *

فإن قيل: كيف قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) مع أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يكن رحمة للكافربن الذي ماتوا على كفرهم بل نقمة، لأنه لولا إرساله إليهم ما عذبوا بكفرهم لقوله

تعالى: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا) ؟

قلنا: كان رحمة للكافرين أيضاً من حيث إن عذاب الاستئصال أخر عنهم بسببه، الثانى: أنه كان رحمة عامة من حيث إنه جاء بما يسعدهم إن اتبعوه، ومن لم يتبعه فهو الذي قصر في حق نفسه وضيع نصيبه من الرحمة، ومثله صلى الله عليه وسلم كمثل عين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015