وبالضلال بقوله تعالى: (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى)
وعاقبه عليه بأعظم أنواع العقوبة، وهو الاخراج من الجنة؟
قلنا: النسيان هنا يعنى الترك، كما في قوله تعالى: (إِنَّا نَسِينَاكُمْ) أي تركناكم في العذاب، وقوله تعالى: (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ) فمعناه أنه ترك عهد الله ووصيته فكيف يكون من النسيان الذي هو ضد الذكر، وقد جرى بينه وبين إبليس من المناظرة والمجادلة في أكل الشجرة فصول كثيرة، منها قوله: (مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ. . . الآية) فكيف يبقى مع هذا نسيان؟
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى: (فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى)
(ولم يقل يقل فتشقيا) والخطاب لآدم وحواء عليهما السلام؟
قلنا: لوجوه أحدها أن الرجل هو قيم أهله وأميرهم، فشقاؤه يتضمن شقاوهم، كما أن سعادته تتضمن سعادتهم، فاختصر الكلام بإسناد الشقاء إليه دونها لما كان متضناً له، الثانى: أنه إنما أسنده إليه دونهما للمحافظة على الفاصلة، الثالث: أنه أراد بالشقاء الشقاء فى
طلب القوت واصلاح المعاش، وذلك وظيفة الرجل دون المرأة، قال سعيد بن جبير: أهبهط إلى آدم ثور أحمر فكان يحرث عليه ويمسح العرق عن جبينه فذلك شقاؤه.