فإن قيل: كيف قال تعالى: (ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ) يعنى جميع الخلائق، وقال في موضع آخر:
(وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ) ؟
قلنا: المولى الأول يعنى المالك أو الخالق أو المعبود، والمولى الثانى بمعنى الناصر، فلا تنافى بينهما.
* * *
فإن قيل: كيف خص كون قوله الحق، وله الملك يوم القيامة فقال: (قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ)
مع أن قوله الحق في كل وقت، وله الملك في كل زمان؟
قلنا: لأن ذلك اليوم ليس لغيره فيه ملك بوجه من الوجوه، وفى الدنيا لغيره ملك خلافة عنه أو هبة منه، وأنعاماً بدليل قوله تعالى في حق داود عليه الصلاة والسلام: (وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ) وقوله تعالى: (وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ)
وقوله في ذلك اليوم: هو الحق الذي لا يدفعه أحد من العباد، ولا يشك فيه شاك من أهل العناد، لانكشاف الغطاء فيه للكل، وانقطاع الدعاوى والخصومات، ونظيره قوله تعالى: (وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ)
وإن كان الأمر له في كل زمان، وكذا قوله تعالى:
(لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) .
* * *
فإن قيل: كيف قال في معرض الامتنان: (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ) .