يقتضى تعلق الرخاء وسعة الرزق بالإيمان بالكتاب والعمل

بما فيه وليس كذلك، فإن كثيرا من المؤمنين بالكتب الأربعة العاملين

بما فيها مما لم ينسخ عيشهم في الدنيا مكدر ورزقهم مضيق؟

قلنا: هذا التعليق خاص في حق أهل الكتاب، لأنهم اشتكوا من ضيق

الرزق حتى قالوا: (يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ) فأخبرهم الله تعالى إن

ذلك التضييق عقوبة لهم بشؤم معاصيهم وكفرهم والله تعالى

يجعل ضيق الرزق وتقتيره نعمة في حق بعض عباده، ونقمة في حق

بعضهم، وكذلك الرخاء والسعة فيعاقب بهما على المعصية ويثيب بهما

على الطاعة، ويختلف ذلك باختلاف أحوال الأشخاص فلا يلزم من

توسع الرزق الإكرام ولا من تضييقه الاهانة، ولا يلزم عكسه

أيضأ، ولهذا رد الله تعالى ذلك بقوله: (فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ) إلى قوله: (كَلَّا) . أي ليس الأمر كما ظن الإنسان وزعم من

أن توسيع الرزق دليل الكرامة، وتضييقه دليل الاهانة، بل دليل

الكرامة هو الهداية والتوفيق للطاعات، ودليل الاهانة هو الإضلال

والخذلان وحرمان التوفيق.

* * *

فإن قيل: ما فائدة قوله: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015