ضلالة. وأيضًا ففعل عمر، وابنه، وأبي هريرة رضي الله عنهم ليس فيه تشويش على الناس، وتخليط عليهم، وإنما فيه إيقاظ الغافلين منهم وبعث هممهم على ذكر الله تعالى. وهذا بخلاف فعل المتجاوبين في المسجد الحرام فإنهم كانوا يشوشون على الحاضرين غاية التشويش فتلتبس القراءة على القارئين، والذكر على الذاكرين، والدعاء على الداعين في حال تجاوب أولئك. وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن مثل هذا كما تقدم في حديث البياض، وأبي سعيد، وابن عمر رضي الله عنهم. وقد ذكر كثير من الفقهاء أنه يستحب الجهر بالتكبير في العيدين وأيام العشر. ومرادهم بالجهر ضد الإسرار لا رفع الأصوات المنكرة به فإن ذلك لا يجوز لما ذكرنا من حديث أبي موسى رضي الله عنه. وقد تقدم قول ابن الحاج المالكي: أن الزيادة على إسماع نفسه ومن يليه بدعة. وإذا ضم إلى رفع الأصوات به التحلين، والتطريب، والتشويش على الغير، وتشبيه ذكر الله بالغناء، فذلك زيادة منكر إلى منكر. فالواجب على ولاة الأمور أن يأخذوا على أيدي أولئك الجهال، ويمنعوهم من التجاوب بذكر الله تعالى، ورفع الأصوات المنكرة به، ويأمروهم أن يفعلوا كفعل غيرهم ممن في المسجد الحرام، فكل رجل منهم يكبر الله، ويحمده، ويهلله، ويسبحه على حدته بصوت غير رفيع يشوش على الناس.

ويتعين على ولاة الأمور أيضًا منع المؤذنين من التطريب بالأذان، وتمطيطه، والتنطع في إخراجه حتى يتولد من الحرف حرف آخر، أو حرفان، أو أكثر من شدة التمطيط. وفي هذه الأفعال المبتدعة من الاستهزاء بذكر الله تعالى،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015