عليه وسلم - «خرج على الناس وهم يصلون، وقد علت أصواتهم بالقراءة، فقال: إن المصلي يناجي ربه، فلينظر بما يناجيه به، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن».
وروى أبو داود في سننه والحاكم في مستدركه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: «اعتكف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر، وقال: ألا أن كلكم مناج ربه، فلا يؤذين بضعكم بعضًا، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة، أو قال: في الصلاة»، قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الحافظ الذهبي في تلخيصه، وقال ابن عبد البر رحمه الله تعالى: حديث البياض وأبي سعيد ثابتان صحيحان انتهى.
وفي المسند من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتكف وخطب الناس، فقال: أما إن أحدكم إذا قام في الصلاة فإنه يناجي ربه فليعلم أحدكم ما يناجي ربه ولا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة في الصلاة». وإذا كان المصلي منفردًا ومثله التالي للقرآن في غير صلاة منهيًا عن الجهر الذي يحصل منه تشويش على من حوله من المصلين والتالين، فنهي المتجاوبين بالتكبير أولى؛ لأن صنيعهم هذا من المحدثات مع ما في ذلك من التشويش على التالين والذاكرين والداعين.
الوجه الثالث: ما في فعلهم من مخالفة ما أمر الله به من خفض الصوت بالذكر والدعاء وارتكاب ما نهى الله عنه ورسوله - صلى الله عليه وسلم - من رفع الصوت بذلك، قال الله تعالى {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ}. قال مجاهد وابن جريج: أمر أن يذكروه في الصدور، وبالتضرع إليه في الدعاء،