فصار عَبْد اللَّهِ بْن سعد إِلَى فِلَسْطِين ثُمَّ لحق بمعاوية، ثُمَّ إنه صار بعد ذَلِكَ إِلَى إفريقية فقتل بِهَا. ويقال: مات بفلسطين وَكَانَ قد أقام بِهَا وَكَانَ موته فِي آخر خلافة علي.
وبويع عَلِيّ بْن أَبِي طالب بعد مقتل عُثْمَان- رَضِيَ اللَّهُ عنهما- فولى قَيْس بْن سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ الأنصاري مصر، وكان رجلا جوادا أديبا، فقال ابن أبي سرح: أبعد الله بن أبي حذيفة، بغا عَلَى ابْن عمه وسر أَهْل بيته [1] وسعى عَلَيْهِ حَتَّى ولي بعده من لم يمتّعه بسلطان بلده حولا وَلا شهرًا ولم يره لذلك أهلا.
«459» وَحَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ الْكَلْبِيُّ عن أبيه عن أبي مخنف لوط بن يحيى في اسناده قال:
لَمَّا بُويِعَ عَلِيٌّ دَعَا قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ الأَنْصَارِيَّ فَوَلَّاهُ الْمَغْرِبَ، فَشَخَصَ إِلَى مِصْرَ وَمَعَهُ أَهْلُ بَيْتِهِ حَتَّى دَخَلَهَا فَقَرَأَ عَلَى أَهْلِهَا كِتَابًا مِنْ عَلِيٍّ إِلَيْهِمْ: ذَكَرَ فِيهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ مِنْ نُبُوَّتِهِ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابِهِ وَأَكْرَمَ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَتْبَاعِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَوَصَفَ فَضْلَهُمَا وَعَدَّلَهُمَا وَحَسَّنَ سيرتهما وعلمهما وترحم عليهما (ثم) قَالَ: ثُمَّ وُلِّيَ بَعْدَهُمَا وَالٍ أَحْدَثَ أَحْدَاثًا وَجَدَ النَّاسُ بِهَا عَلَيْهِ مَقَالا، فَلَمَّا نَقَمُوا غيّروا، ثم جاؤني فَبَايَعُونِي فَأَسْتَهْدِي اللَّهَ بِالْهُدَى [2] وَأَسْتَعِينُهُ عَلَى التَّقْوَى. وَأَعْلَمَهُمْ تَوْلِيَتِهِ قَيْسَ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ لِمَا ظَنَّ عِنْدَهُ مِنَ الْخَيْرِ، وَرَجَا مِنْ قَصْدِهِ وَإِيثَارِهِ الْحَقَّ فِي أُمُورِهِ، وَتَقَدُّمِهِ إِلَيْهِ فِي الْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ، وَالشِّدَّةِ عَلَى الْمُرِيبِ، وَالرِّفْقِ بالخاصة والعامة،