يصنعوا شَيْئًا، فتركهم أياما حَتَّى إذا يئس منهم خطبهم فَحَمِدَ اللَّه وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلَّى عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: «يَا عباد اللَّه مَا بالكم إذا أمرتكم أن انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ، أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ بدلا [1] وبالذل والهوان من العزّ والكرامة خلفا، أكلما دعوتكم إِلَى الجهاد دارت أعينكم فِي رؤسكم كأنكم من الموت فِي سكرة، وكأن قلوبكم قاسية [2] فأنتم أسود الشرى عند الدعة، وحين تنادون للبأس ثعالب رواغة، تنتقص أطرافكم فلا تتحاشون وَلا ينام عدوكم عنكم وأنتم فِي غفلة ساهون.
إن لكم علي حقا، وإن لي عليكم حقا، فأما حقكم فالنصيحة لكم مَا نصحتم، وتوفير فيئكم عليكم، وأن أعلمكم كيلا تجهلوا، وأؤدبكم كيما تعلموا [3] وأما حقي عليكم فالوفاء بالبيعة، والنصح فِي المغيب والمشهد، والإجابة حين أدعوكم، والطاعة حين آمركم [4] .
«452» وَحَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن أبي مخنف، عن الحرث بْنِ حَصِيرَةَ، عَنْ أَبِي صَادِقٍ، عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَزْدِيِّ أَنَّ عَلِيًّا خَطَبَهُمْ حِينَ اسْتَنْفَرَهُمْ إِلَى الشَّامِ بَعْدَ النَّهْرَوَانِ، فَلَمْ يَنْفِرُوا فَقَالَ:
أَيُّهَا النَّاسُ الْمُجْتَمِعَةُ أَبْدَانُهُمُ الْمُخْتَلِفَةُ قلوبهم وأهواؤهم ما عزّت دعوة من