وَأَتَاهُمْ أَبُو جَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ وَهُمْ بِأَذْرُحَ، وَرَجَعَ الرَّسُولُ الْمُوَجَّهُ إِلَى عَلِيٍّ وَلَمْ يَقْدُمْ عَلِيٌّ مَعَهُ. وَقَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ: أَنَا أَحَقُّ النَّاسِ بِهَذَا الأَمْرِ لَمْ أُشْرِكْ في دم عثمان، ولم أحضر شيئا من هذه الأمور الفتنة (كذا) .

وَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لابْنِ عُمَرَ: اشْدُدْ لِي ضَبُعَكَ فَإِنَّ النَّاسَ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِيكَ.

وَلَمْ يَشُكَّ النَّاسُ فِي ابْنِ عُمَرَ، وَكَانَ أَبُو موسى الأشعري مع ابن عباس (كذا) .

فَتَحَاوَرَ الْحَكَمَانِ فِي أَمْرِهِمَا فَدَعَا أَبُو مُوسَى إلى عبد الرحمان بن الأسود ابن عَبْدِ يَغُوثَ الزُّهْرِيِّ فَاخْتَلَفَا، فَقَالَ عَمْرٌو: هَلْ لك في أمر لا يختلف معه؟ قال: وما هو؟ قال: تجعل أَيُّنَا وَلاهُ صَاحِبُهُ الأَمْرَ إِلَى مَنْ رَأَى، وَعَلَيْهِ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ لَيَجْهَدَنَّ لِلْمُسْلِمِينَ. قَالَ أبو موسى: نعم. قال عمرو:

ذلك إِلَيْكَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَمِيثَاقِهِ. قَالَ أَبُو مُوسَى لا. قَالَ عَمْرٌو: فَهُوَ إِلَيَّ بِذَلِكَ. قَالَ مُوسَى: قَدْ أَعْطَيْتُكَ إِيَّاهُ. قَالَ عَمْرٌو: نَعَمْ قَدْ قَبِلْتُ. ثُمَّ نَدِمَ أَبُو مُوسَى فَقَالَ: أَلا تَدْرِي مَا مَثَلُكَ يَا عَمْرُو؟ مَثَلُكَ مَثَلُ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا. يَقُولُ: إِنَّكَ لا تنظر لدين ولا ترعا الَّذِي حَمَلْتَ مِنَ الأَمَانَةِ وَالْعَهْدِ.

فَقَالَ عَمْرٌو: مَثَلُكَ مَثَلُ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ، إِنْ جَعَلْتُ الأَمْرَ إِلَيَّ أَبَيْتَ، وَإِنْ جَعَلْتُهُ إِلَيْكَ أَبَيْتَ [1] .

ثُمَّ خَلا عَمْرٌو بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ لَهُ: اجْتَمَعَ أَمْرُ النَّاسِ عَلَيْكَ وَأَنْتَ أَحَقُّهُمْ بِهَذَا الأَمْرِ، فَإِنَّ عَلِيًّا قَدْ تَخَلَّفَ عَنَّا، وَتَرَكَ مَا افْتَرَقْنَا عَلَيْهِ، وَلا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ إِمَامٍ يَلِي أُمُورَهُمْ وَيَحُوطُهُمْ وَيُقَاتِلُ مِنْ وَرَائِهِمْ.

فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَا أَنَا بِالَّذِي أُقَاتِلُ النَّاسَ فَتُؤَمِّرُونِي عَلَيْهِمْ وَلا حَاجَةَ لِي فِي الإمرة. فزعموا أن عمروا قَالَ لَهُ: أَتَجْعَلُنِي عَلَى مِصْرَ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْ وُلِّيتُ مِنَ الأَمْرِ شَيْئًا مَا اسْتَعْمَلْتُكَ على شيء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015