[1] :
12- وحدثني عَبَّاس بْن هشام، عن أَبِيهِ، عن جَدِّهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
بَوَّأَ اللَّهُ لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ، وَهُوَ حَذْوَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ الَّذِي يُدْعَى الصُّرَاحَ. فَبَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ، وَمَعَهُ ابْنُهُ إِسْمَاعِيلُ. وَاسْتَعَانَا بِأَوْلادِ جُرْهُمَ بن عابر [2] ابن سَبَأِ بْنِ يَقْطُنَ، فَعَمِلُوا مَعَهُمَا. وَكَانَتْ مَنَازِلُ جُرْهُمٍ بِمَكَّةَ وَمَا حَوْلَهَا. فَلَمَّا قَبَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ، قَامَ بأمر البيت بعده قيدر بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَأُمُّهُ جُرْهُمِيَّةٌ. ثُمَّ نَبْتُ/ 4/ بْنُ قيدر. ثُمَّ تَيْمَنُ بْنُ نَبْتٍ. ثُمَّ نَابِتُ بْنُ الْهَمَيْسَعِ بْنِ تَيْمَنِ بْنِ نَبْتٍ. فَلَمَّا مَاتَ نَابِتٌ، غَلَبَتْ جُرْهُمُ عَلَى الْبَيْتِ، فَكَانُوا وُلاتَهُ وَقِوَامَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ. وَتَفَرَّقَ وَلَدُ إِسْمَاعِيلَ مِنَ الْعَرَبِ [3] بِتِهَامَةَ، وَفِي الْبَوَادِي وَالنَّوَاحِي إِلا مَنْ أَقَامَ حَوْلَ مَكَّةَ مِنْ وَلَدِ نِزَارٍ، تَبَرُّكًا بِالْبَيْتِ. فَلَمَّا أَرْسَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ على ولد سبأ بمارب ماء، أَرْسَلَ مِنْ سَيْلِ الْعَرِمِ [4]- وَهُوَ سَدٌّ كَانَ لَهُمْ بَيْنَ جَبَلَيْنِ- تَفَرَّقَتِ الأُسْدُ، وَانْخَزَعَتْ مِنْهَا خُزَاعَةُ، وَهُمْ وَلَدٌ لِحَيِّ بْنِ حَارِثَةَ، وَأَفْصَى بْنِ حَارِثَةَ بْنِ عَمْرٍو [5] ، مَزِيقِيَا، فَنَزَلُوا بِظَهْرِ مَكَّةَ.
فَلَمْ يَزَالُوا يَكْثُرُونَ، وَتَقِلُّ جُرْهُمُ لاسْتِخْفَافِهِمْ بِالْبَيْتِ وَفُجُورِهِمْ فِيهِ، حَتَّى غَلَبَتْهُمْ خُزَاعَةُ وَأَلْفَافُهَا عَلَى مَكَّةَ، وَطَرَدُوهُمْ عَنْهَا. فَدَخَلَ بَعْضُهُمْ فِي قَبَائِلِ الْيَمَنِ. وَنَزَلَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ مَكَّةَ وَيَثْرِبَ، فَأَصَابَهُمُ الدَّاءُ الَّذِي يُعْرَفُ بِالْعَدَسَةِ، فَهَلَكُوا.
قال هشام: ومما يروى في خروج جرهم من مكة شعر عمرو [6] بن الحارث بن مضاض الجرهمى: