افْتَتَحَ أَذْرَبِيجَانَ، فَصَنَعَ سَفَطَيْنِ مِنْ خَبِيصٍ أَلْبَسَهُمَا الْجُلُودَ وَاللُّبُودِ، ثُمَّ بَعَثَ بِهِمَا إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَعَ سُحَيْمٍ مَوْلَى عُتْبَةَ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ قَالَ: مَا الَّذِي جِئْتَ بِهِ أَذَهَبٌ أَمْ وَرَقٌ وَأَمَرَ بِهِ فَكَشَفَ عَنْهُ فَذَاقَ الْخَبِيصَ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا لَطَيِّبٌ لَيِّنٌ، أَفَكُلُّ الْمُهَاجِرِينَ أَكَلَ مِنْهُ شِبَعَهُ؟ قَالَ: لا، إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ خَصَّكَ بِهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: «مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ، أَمَّا بَعْدُ فَلَيْسَ مِنْ كَدِّكَ، وَلا كَدِّ أُمِّكَ، وَلا كَدِّ أَبِيكَ، لا تَأْكُلُ إِلا مَا شَبِعَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ فِي رِحَالِهِمْ» .

وروى بعضهم هَذَا الحديث وزاد فِيهِ: وَرَدَّ الخبيص عَلَى عتبة.

وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ بَهْرَامَ، ثَنَا شعيب بْنُ حَرْبٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سعيد بن إياس عن أبي عثمان أن عُتْبَةَ بْنَ فَرْقَدٍ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ، فَدَعَا عمر بشفرة ليقطع بهاكمه، وَكَانَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ سُنْبُلانِيُّ فِي كُمِّهِ طُولٌ، فَقَالَ: دَعْهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَأَنَا أَقْطَعُهُ فَإِنِّي أَسْتَحِيي مِنَ النَّاسِ فَقَطَعَهُ.

وَرُوِيَ عَنْ عُتْبَةَ أَنَّهُ قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ فَإِذَا بَيْنَ يَدَيْهِ عَضَلَةُ جَزُورٍ.

وولى عُمَر عتبة بْن فرقد الموصل سنة عشرين، فقاتله أهل نينوى فأخذ حصنها الشرقي عنوة، وعبر دجلة فصالحه أهل الحصن الآخر الغربي عَلَى الجزية، وفتح كورها، ثُمَّ عزله، وولى الموصل هرثمة بْن عرفجة البارقي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015