وقال الهيثم: لما دخل خَالِد على هشام فجرى ذكر خَالِد القسري، فقال هشام: إن خالدا أدل فأمل، وأوجف فأعجف، ولم يدع لراجع مرجعًا، ولا لعودة موضعُا، قال: ألا أخبرك عنه يا بن صفوان؟ قلت:
نعم يا أمير المؤمنين، قال: إنه ما بدأني بسؤال حاجة مذ قدم العراق حَتَّى أكون أَنَا الَّذِي ابدأه بها، قال خَالِد: فقلت فذلك أحرى أن ترجع له، فقال متمثلًا:
إذا انصرفت نفسي عن الشيء لم تكد ... إليه بشيء آخر الدهر تقبل
ثم قال: ما حاجتك يا بن صفوان؟ قلت: تزيدني فِي عطائي عشرة دنانير. فأطرق ثُمَّ قال: وفيم العبادَة أحدثتها نعينك عليها، أم لبلاء حسن أبليته أمير المؤمنين، أم لماذا يا بن صفوان، إذا يكثر السؤال ولا يحتمل ذلك بيت المال، قال: فقلت: يا أمير المؤمنين وفقك اللَّه وسددك، أنت والله كما قال أخو خزاعة:
إذا المال لم يوجب عليك عطاؤه ... قرابة قربى أو صديق توامقه
منعتَ وبعض المنع حزم وقوة ... ولم يفتلذك [1] المال إلا حقائقه
فَلَمَّا قدم خَالِد البصرة قيل له ما الَّذِي حملك على تزيين الإمساك له، فقال: أحببت أن يمنع غيري فيكثر من يلومه.
وقال خَالِد لابن عم له: كان أبوك آدم الناس وجهًا، وكانت أمك أسوأ الناس خلقا، فأنت جامع لمساوئ أبويك.
وقال خَالِد، ويقال عَبْد اللَّه بْن الأهتم لقوم نازعوه من موالي آل أسيد: إن أحق الناس ألا يتكلم من لم يكن له أصل ثابت ولا فرع نابت،