وقال خَالِد: وفدت على هشام بْن عَبْد الملك فوجدته قد بدا [1] لشرب اللبن وذلك فِي عام قد بَكْر وَسْمِيُّهُ [2] وتتابع وليه [3] ، وأخذت الأرض زخرفها، وأنواع زينتها، فهي كالزرابي المبثوثة والقباطي المنشورة، وكأن ترابها الكافور، فلو ألقيت بضعة لم تترب، وقد ضُربتْ له سرادقات حبره بعث بها يوسف بْن عُمَر من اليمن، فهي تتلألأ كأنها العقيان، فذكرني مسلمة له فأرسل إلي، فدخلت إليه، وَإِذَا تحته أربعة أفرشة موشاة مثلها مرافقها ومخادُّها، وعليه جبة خَزّ، وعمامة خَزّ، فجددت له دعاء، ولم أزل قائمًا حَتَّى أذن لي فِي الجلوس، ثُمَّ نظر إِلَي كالمستنطق لي فقلت: يا أمير المؤمنين أتم اللَّه عليك نعمه، ودفع عنك نقمه هَذَا مقام زيَّن اللَّه به أمري، ورفع قدري وذكري، وأطاب نشري، إذ أراني وجه أمير المؤمنين، ولن أرى لمقعدي هَذَا جزاء هُوَ أفضل من أن أنبه أمير المؤمنين على تفضيل اللَّه إياه ليحمد اللَّه على ما أولاه وأعطاه، ولا أرى موعظة هِيَ أحضر من حديث ملك من سالف الملوك فَإِن أذن لي أمير المؤمنين حدثته، فاستوى جالسًا ثُمَّ قال: هات يا بن الأهتم. فقلت: كان ملك فيما مضى جمع له فتاء السن، وذكاء الشباب، وصحة الطباع، وكثرة المال، وسعة الملك، فأشرف يومًا وذلك بالخورنق [4] فنظر إِلَى ما جمع له فأعجبته نفسه، فقال لمن حضره: هَلْ علمتم أحدًا أوتي مثل ما أوتيت؟ فسكت القوم وفيهم رَجُل من بقايا حملة الحجة، فقال له: إن أذنت تكلمتُ. قال: قل. قال: أرأيت ما جمع الله