وذكر خَالِد رجلًا فقال: إنه لممن عرب الله سليقته، وقوّم طريقته، من تنظره النعمة وتطعه، فإنها لتوقره وتذلله.

وكان خَالِد يقول: المزاح سباب النوكي، ولا بأس بالفكاهة ينطلق بها وجه الرجل فِي مجلسه وتخرجه من حال العبوس.

وقال خَالِد لرجل: رحم اللَّه أباك فإنه كان يقري العين جمالًا والسمع بيانًا.

وقال خالد: قدمت الشام فدخلت حمامًا ودخله أَبُو محجن خادم هشام بْن عَبْد الملك معي، ولا أعرفه، فقال: الحمد لله الَّذِي فضلنا على كثير من خلقه. فقلت: ما فِي الأرض شيء له خصيان إلا وهو أفضل منك، فقال: من أنت؟ فأخبرته فخرج قبلي، وأمر خادمًا له فتخلف، فَلَمَّا خرجت ذهب بي إِلَى منزله فأكرمني أَبُو محجن وقربني وقام بحوائجي.

وكان خَالِد يلحن فِي كلامه فَقِيل له: لو نظرت فِي النحو. فقال:

أخاف أن أتفقد أعراب الكلام فينقطع لساني، ويقال قال: أخاف أن آخذ نفسي بالإعراب فينقطع لساني.

قال: وسمع خَالِد رجلًا ينشد قول الشاعر:

إذا حدثتك النفس أنك قادر ... على ما حوتُ أيدي الرجال فجرِّبِ

فقال خَالِد: لا والله ولكن فكذِّب.

وقال أَبُو الْعَبَّاس السفاح يومًا: عليَّ بخالد فَلَمَّا دخل عليه قال: قد وليتَ الخلافة فكنت أهلها وموضعها، رعيت الحق فِي مسارحه وأوردته موارده، فأعطيت كلًا بقسطه من نظرك وعدلك وأدبك ومجلسك، حتى كأنك من كل أحد، أو كأنك لست من أحد، فأعجبه قَوْله، وأمر لَهُ بمال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015