شبيب حتى صرع عن فرسه فوقع في الرجالة، فلما رأى صالحا قتيلًا قال:
إليّ يا معاشر المسلمين. فلاثوا به واجتمعوا إليه وحامى بعضهم على بعض حتى دخلوا حصنا بجواثا [1] فقال لهم شبيب: بايعوني أو من شئتم منكم، ثم اخرجوا بنا حتى نبيتهم فإن الليل أخفى للويل، وهم آمنون لكم.
فبايعوا شبيبا وأتوا باللبود فبلوها بالماء ثم ألقوها على الجمر وخرجوا فلم يشعر ابن عميرة وأصحابه إلا والخوارج يضربونهم بالسيوف في جوف عسكرهم، وضارب الحارث بن عميرة حتى صرع فاحتمله أصحابه وانهزموا وخلوا لهم العسكر وما فيه ومضوا إلى المدائن.
ومات ابن عميرة، ويقال أن صالحا جرح جراحات مات منها في ليلته، وأمر أن يبايع شبيب بعده واستخلفه والأول أثبت.
وكان قتل صالح بن مسرح في أيام بشر بن مروان، وقال قوم: كان قتله في سنة ست وسبعين يوم الثلاثاء لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب، ويقال يوم الثلاثاء لثلاث عشرة ليلة بقيت من جمادى الآخرة.
وقال الجعد بن ضمام:
أيا عين فابكي صالحا إن صالحا ... شرى نفسه لله يبغي بها الخلدا
وقد كان ذا رأي ثخين ورأفة ... صفوحا عن العوراء يدفعها عمدا
وقد كان في الحرب العوان يشبها ... ويسعرها بالخيل محبوكة جردا
في أبيات.