قالوا: وقتل مصعب فِي سنة اثنتين وسبعين، وقدم خَالِد بْن عَبْد اللَّهِ بْن خَالِد بْن أسيد بْن أَبِي العيص واليا عَلَى البصرة من قبل عَبْد الْمَلِكِ، فوجه أخاه أمية بْن عَبْد اللَّهِ فِي سنة ثلاث وسبعين إِلَى أَبِي فديك فِي اثني عشر ألفا، وأبو فديك في سبعمائة. فلما تواقف الجمعان وتراءيا قَالَ أَبُو فديك: قد ترون عدوكم والقليل المنصور خير من الكثير المخذول فاستنصروا ربكم واصبروا لعدوكم.

فاقتتلوا ثُمَّ تحاجزوا عَلَى السواء، ثُمَّ عاودوا القتال فقاتلوهم حَتَّى زالت الشمس، فكمن لهم ثابت التمار فِي مائة واستطرد الخوارج، واتبعهم أمية فلما جاوز موضع الكمين خرجوا عليهم وهم يحامون من خلفهم، وكر أَبُو فديك وأصحابه فصبر البصريون ساعة ثُمَّ انهزموا، وصرع أمية فحماه عون بْن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن سلامة التيمي، وحوى أَبُو فديك عسكرهم.

ومضى أمية والناس منهزمين إِلَى البصرة، وأصاب أمية فِي طريقه ضر، ولم يجد طعاما، فلقي أعرابيا فَقَالَ لَهُ عون: مَا معنا دراهم ولكني أعطيك درعي هذه وتبيعني ناقتك؟ قَالَ: لا أب لك، أتراها تساوي ناقتي؟ قَالَ: والله لهي خير منك ومن أبيك ومن ناقتك، فأخذ الدرع ونحروا الناقة فأصابوا منها، فأكثر أمية الأكل فَقَالَ عون: ألم ينهك الطبيب عَن لحم الجزور؟ قَالَ: ويحك اسكت فليس هذا بموضع مزاح.

فلما قدموا البصرة لزم أمية بيته استحياء من النَّاس حين هزم وفر، فأتاه خَالِد بْن صفوان بْن عَبْد اللَّهِ بْن الأهتم التميمي فَقَالَ: الحمد لله الَّذِي خار لنا عليك ولم يخر لك عَلَيْنَا، أما والله لقد كنت حريصا عَلَى الشهادة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015