أنفسكم تنالوا الفوز كما وعدكم واصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا اللَّه لعلكم تفلحون، وإياكم والفرار من الزحف فتبوءوا بسخط من اللَّه ويحل عليكم غضبه، ثُمَّ ناهضهم.
وَكَانَ البصريون يرون أن ابْن الإسكاف إذا عاين أبا فديك قتله. فلم ينتصف النهار حَتَّى انهزم البصريون، ومضى ابْن الإسكاف منهزما.
وأقام أَبُو فديك بالبحرين، وسار مصعب إِلَى الْكُوفَة، وتشاغل بأمر عَبْد الْمَلِكِ ولقائه، فجمع زياد بْن القرشي جمعا من أَهْل البحرين ومن أَهْل البصرة، ولقي أبا فديك محتسبا فَقَالَ لَهُ السائب بْن الأخرس من ولد اللبوء بْن عَبْد القيس: ويحك يا بن القرشي لا تخرج إليهم، فأبى وسار إليهم، فلقيه عمارة الطويل، وهو عمارة بْن عقبة بْن مليل، وعمير بْن سلمى من ولد زيد بْن يربوع بْن ثعلبة بْن الدؤل بْن حنيفة، فقتل ابْن القرشي، وتفرق أصحابه فَقَالَ الشاعر:
تمتع قبل جيش أَبِي فديك ... وقبل عمارة الرجل الطويل
أغر صميدع يمشي إذا مَا ... تتابع مشية الجمل الصؤول
وقبل الطير ينهش لحم قوم ... بمعترك البياذق والخيول
وقبل معرس [1] لا شك فيه ... سينأى بالخليل عن الخليل
فما لك حين تقطع صرّتاج [2] ... إِلَى البيض العباهر من سبيل
لقاء الأسد أهون من لقاء ... بِهِ التحكيم يشهر بالأصيل