الْمَدَائِنِيّ قَالَ: دخل تميم بْن الحباب السلمي أخو عمير بْن الحباب عَلَى عَبْد الْمَلِكِ فقال: أنشدني بعض مارثيت بِهِ أخاك عميرا، فأنشده:
وذي ميعة لا يستطاع قياده ... مَعَ الخيل إلا ممسكا بلجام
وزعت بِهِ الغارات حَتَّى تركته ... حزوز [1] الضحى من نهكة وسآم
فكم من دم يوما هرقت ومن دم ... حقنت ومن وفد حبوت كرام
فَقَالَ عَبْد الْمَلِكِ: مَا كَانَ كما وصفت يابن الحباب، فَقَالَ: بلى والله، وإن رغم الراغمون.
الْمَدَائِنِيّ عَن عوانة قَالَ: قدم عَلَى عَبْد الْمَلِكِ قادم من العراق، فَقَالَ لَهُ: كيف تركت بشرا- يعني أخاه؟ قَالَ: تركته لينا فِي غير ضعف، قويا فِي غير عنف، يعرف موضع العقوبة فيعاقب عَلَى قدر الذنب، قَالَ: ذاك ابْن حنتمة- يعني عمر بْن الخطاب رضي اللَّه عنه-.
وَقَالَ عَبْد الْمَلِكِ لأعرابي: إنك لحسن الكدنة، فَقَالَ: ذاك عنوان نعمة اللَّه علي، إني أدفئ رجلي فِي الشتاء، وآكل عند الشهوة وأذود غاشية الهم يعني بالشراب.
قالوا: وبعث عَبْد الْمَلِكِ روح بْن زنباع إِلَى أم البنين، وهي عاتكة بنت يَزِيد يسألها أن تجعل مالها لابنيها يَزِيد ومروان الأصغر، فقد أدركا، فقالت: علي بشهود عدول فلما دخلوا عَلَيْهَا قالت: اشهدوا أني قد تصدقت بمالي عَلَى فقراء آل أَبِي سفيان صدقة بتة بتلة، وقالت لروح: يَا أبا زرعة أتراني أخاف عَلَى ولدي العيلة وهما ابنا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ؟! فأتى عَبْد الملك فأخبره،