وَقَالَ مُحَمَّد بْن سعيد لأبيه: خل بيننا وبينه، فَقَالَ سعيد: لا يعرض لَهُ، فإنك إن فعلت لم أكلمك بكلمة أبدا، وحج الوليد، فدخل مسجد المدينة، فأخرج النَّاس ولم يجترئ أحد عَلَى إخراج سعيد، وقيل لَهُ هذا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: لا والله لا قمت إلا فِي الوقت الَّذِي كنت أقوم فيه، وجعل عمر بْن عَبْد العزيز يعدل بالوليد عنه، وإن عَلَيْهِ لريطتين [1] مَا تساويان خمسة دراهم، وذلك لكراهة عمر أن يراه فينكر جلوسه، وحانت من الوليد التفاتة، فَقَالَ: من الجالس؟ قيل: سعيد بْن المسيب، ولو علم بمكان أَمِير الْمُؤْمِنِينَ لقام إِلَيْهِ، فَقَالَ الوليد: قد عرفت حاله، ونحن نأتيه، فنسلم عَلَيْهِ، فجاء الوليد حَتَّى وقف عَلَى رأسه وَقَالَ: كيف أنت أيها الشيخ وهو جالس فقال: بخير والحمد لله، فكيف أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، وكيف حاله؟ فقال الوليد: خير حال والحمد لله، فانصرف وَهُوَ يَقُول لعمر: هذا بقية النَّاس، فكان عمر إذا حلف يقول: لا وَالَّذِي صرف عَن سعيد شر الوليد مَا كَانَ كذا، ولأفعلن كذا، وَحَدَّثَنِي عَبَّاس بْن هشام عن أَبِيهِ عن جده قَالَ: لما ضرب سعيد بْن المسيب لامتناعه من بيعة الوليد، أقيم للناس، فمرت بِهِ أمة لبعض أَهْل المدينة فقالت لَهُ: يَا شيخ لقد أقمت مقام خزي فَقَالَ لها: من مقام الخزي فررت.

ولما مات عَبْد العزيز قَالَ الشاميون: رد عَلَى أَمِير الْمُؤْمِنِينَ أمره، فدعا عَلَيْهِ فاستجيب لَهُ، لقول عَبْد الملك: إنّه قطعني فاقطعه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015