الْمَلِكِ إِلَيْهِ يلومه فيما صنع ويقول: كَانَ سعيد والله أحوج إِلَى أن تصل رحمه من أن تضربه، وإنا لنعلم أنه مَا عند سعيد شقاق ولا خلاف.
قَالَ الواقدي: وَكَانَ الَّذِي دخل بالكتاب إِلَى عَبْد الْمَلِكِ فِي ضرب سعيد قبيصة بْن ذؤيب، وَكَانَ عَلَى السكة والخاتم، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كيف يفتات عليك هشام بمثل هذا، ويضرب ابْن المسيب، ويطوف بِهِ والله لا يكون أبدا أمحك ولا ألج منه حين فعل بِهِ مَا فعل، أو سعيد ممن يخاف فتفه وغوائله؟ قَالَ عَبْد الْمَلِكِ: قد كتبت إِلَيْهِ أعلمه بكراهتي لما صنع بِهِ، وكتبت إِلَى سعيد أعتذر إِلَيْهِ، فلما قرأ سعيد كتاب عَبْد الْمَلِكِ قَالَ: حكم اللَّه بيني وبين من ظلمني، قَالَ: وصنعت لسعيد ابنته طعاما كثيرا حين حبس، وبعثت بِهِ إِلَيْهِ، فأرسل إليها لا تعودي لمثل هذا، فإني لا أدري مَا قدر حبسي، وإنما غاية هِشَام بْن إسماعيل أن يذهب بمالي فلا تزيديني علي القوت الَّذِي كنت آكله فِي بيتي، وكان يصوم الدهر، وكان الوليد سيئ الرأي فِي هِشَام، فلما ولي عزله عَن المدينة، وأمر أن يوقف للناس، فدعا سعيد ولده ومواليه فقال: إن هذا الرجل قد كَانَ أساء إلينا، فلا يذكرنه أحد منكم بسوء، ولا يعرضن لَهُ ولا يؤذينه بكلمة، فقد تركنا مجازاته لله والرحم، وإن كَانَ ما علمته سيئ النظر لنفسه، فأما كلامه فلا أكلمه أبدا.
قَالَ: وأرسل هِشَام إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْن هِشَام:
أكفني أمر ابْن المسيب فإنه رجل عند النَّاس كما علمت، فَقَالَ: لا بأس عليك منه، فَقَالَ: إنه حقود قَالَ: أما مَا صنعت بِهِ فلن يخرج من قلبه، ولكنك لن ترى منه سوءا.