حَدَّثَنِي أَبُو مَسْعُود الكوفي عَنْ عوانة قَالَ: كتب عبد الملك إلى الحجاج: أما بعد فإنه بلغ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ أنك تنفق فِي اليوم مَا ينفق أَمِير الْمُؤْمِنِينَ فِي الجمعة، وتنفق فِي الجمعة مَا ينفق أَمِير الْمُؤْمِنِينَ فِي الشهر، وتنفق فِي الشهر مَا ينفق أَمِير الْمُؤْمِنِينَ فِي السنة، وهذا مَا لا قوام مَعَهُ يَا حجاج.
عليك بتقوى اللَّه فِي كل حالة ... وكن لوعيد اللَّه ربك تخشع
ووفر خراج المسلمين وفيئهم ... وكن لهم حصنا يذود ويمنع
فكتب إِلَيْهِ الحجاج:
أتتني كتب للخليفة ضمنت ... قراطيس تطوى كي تصان وتطبع
ومنها كتاب فيه لين وشدة ... وذكر وفي الذكرى لذي اللب منفع
وكانت بلادا جئتها ذات فتنة ... بِهَا كل نيران الحوادث تلمع
فما زلت فيها أعمل الحزم جاهدا ... فاعطي عَلَى حين العطاء وأمنع
فلا تتهمني إنني لك ناصح ... ولست مَعَ النصح المبين أضيع
فرد عَبْد الْمَلِكِ عَلَيْهِ كتابه، وكتب فِي حاشيته: «صدقت يَا أبا مُحَمَّد وبررت.
الْمَدَائِنِيّ قَالَ: قَالَ عَبْد الْمَلِكِ: أي الشعراء أشجع شعرا؟ قالوا:
عَمْرو بْن معد يكرب، قَالَ وكيف وهو يقول:
وجاشت إلي النفس أول مرة ... فردت عَلَى مكروهها فاستقرت [1]
فقيل ابْن الإطنابة؟ فَقَالَ وكيف وهو القائل:
أقول لها وقد جشأت وجاشت ... مكانك تحمدي أو تستريحي