فجعل عَبْد الْمَلِكِ يتطاول، ثُمَّ قَالَ: ويحك يَا أخطل أتريد أن أكتب إِلَى الآفاق بأنك أشعر العرب؟ قَالَ: أنا أكتفي بقولك يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فأمر لَهُ بقصعة مملوءة دنانير ودراهم، وألقى عَلَيْهِ خلعته وخرج بِهِ مولى لعَبْد الْمَلِكِ وهو يقول: هذا شاعر أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ.
الْمَدَائِنِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فائد قَالَ: قَالَ سعيد بْن المسيب لعَبْد الْمَلِكِ:
بلغني يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أنك شربت الطلاء؟ قَالَ: والدماء يَا أبا مُحَمَّد فنستغفر اللَّه.
الْمَدَائِنِيّ عَن عَبْد اللَّهِ بْن مسلم الفهري قَالَ: دخل الأخطل عَلَى عَبْد الْمَلِكِ وهو سكران فَقَالَ لَهُ: يَا أبا مالِك مالك؟ قَالَ: إن أبا نسطور وضع فِي جمجمتي ثلاثا وأنشد:
إذا شرب الفتى منها ثلاثا ... بغير الماء حاول أن يطولا
مشي قرشية لا عيب فيها ... وأرخى من مآزره ذيولا [1]
المدائني قَالَ: دخل عَلَى عَبْد الْمَلِكِ رجل فتكلم فأحسن حَتَّى سكت، فأراد أن يسبر عقله ليعرف مَا عنده، فإذا هو مضعوف فَقَالَ: زيادة منطق عَلَى عقل خدعة، وزياد عقل عَلَى منطق هجنة، وأحسن ذَلِكَ مَا زين بعضه بعضا، وبعضهم يروي هذا عَن سليمان بْن عَبْد الْمَلِكِ، وهو عَن عَبْد الْمَلِكِ أثبت.
وَقَالَ: وذكر تشقيق الخطب والإسهاب عند عَبْد الْمَلِكِ فَقَالَ: من أكثر فأحسن قدر على أن يقل فيحسن.