طعاما حَتَّى أناجزهم، فَقَالَ حارثة: أذكرك اللَّه إن هؤلاء لا يقاتلون بالتعسف، فاستبق نفسك وجندك فَقَالَ: أبيتم يَا أَهْل العراق إلا جبنا وما هؤلاء الأكلب، فَقَالَ حارثة: أنا أعلم بهؤلاء منك، فَقَالَ عثمان: أنت بغير الحرب أعلم، فغضب حارثة واعتزل، وناهضهم عثمان بعد الظهر فاقتتلوا حَتَّى غابت الشمس، وقد قتل عثمان قتله ابْن برز مولى عَبْد القيس، ويقال إنهم: تحاجزوا عند المساء، ثُمَّ بيتهم الخوارج فقتل عثمان، وَقَالَ حارثة: أيها النَّاس أنا حارثة بْن بدر، فقاتل الخوارج ومنعهم من اتباع الناس، وبلغ قتل عثمان أَهْل البصرة وذلك فِي ذي القعدة سنة خمس وستين، ورجع الخوارج إِلَى الأهواز، ورجع حارثة إِلَى نهر تيرى فَقَالَ رجل يرثي عثمان بْن عبيد اللَّه، وَكَانَ مقتله بدولاب أيضا:
ونال الشهادة منهم فتى ... بدولاب كالقمر الأزهر
طويل النجاد رفيع العماد ... كهمك من فارس مسعر
أطاع الكتاب رجاء الثواب ... وقاتل عَن دبر المدبر
ليعذره اللَّه والمسلمون ... ومعذرة اللَّه للمعذر
فِي أبيات:
وَقَالَ رجل من بني تميم:
مضى ابْن عبيس صابرا غير عاجز ... وأعقبنا هذا الحجازي عثمان
فأرعد من قبل اللقاء ابْن معمر ... وأبرق والبرق اليماني خوان
فلم ينك عثمان جناح بعوضة ... فأضحى عداة الدين حربا كما كانوا
فلولا ابْن بدر للعراقين لم يقم ... بما قام فيه للعراقين إنسان
إذا قيل من حامي الحقيقة أومأت ... إِلَيْهِ معد بالأكف وقحطان