فَقَالَ عَبْد الْمَلِكِ: لو علمت أنه فِي هذه القلة لحاصرته أبدا حَتَّى ينزل عَلَى حكمي فبلغ زفر قوله فَقَالَ: إن شئت رجعت ورجعنا إِلَى أمرنا فَقَالَ: بل نفي لك يَا أبا الهذيل.

قَالَ: ودخل زفر عَلَى عَبْد الْمَلِكِ فأجلسه مَعَهُ عَلَى سريره فَقَالَ ابْن عضاة الأشعري: أنا كنت يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أحق بهذا المجلس، فَقَالَ زفر:

كذبت لست هناك إني عاديت فضررت، وواليت فنفعت.

ودخل الأخطل غياث بْن غوث عَلَى عَبْد الْمَلِكِ، فرأى زفر بْن الحارث مَعَهُ عَلَى سريره، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أيقعد زفر هذا المقعد وقد قاتلك وحاول زوال نعمتك وسلبها؟ فَقَالَ زفر: إنا كنا قاتلناك بالأمس ثُمَّ أرانا اللَّه خيرا مما كنا فيه فواليناك ودخلنا فِي أمرك فنحن اليوم فِي طاعتك عَلَى أشد مما كنا فيه من معصيتك، فلا تسمعن مَا يقول هذا الفدوكسي النصراني ولا قول قومه، فإنا أمس بك قرابة، وأوجب عليك حقا.

قالوا: ودخل زفر عَلَى عَبْد الْمَلِكِ وقد مد رجله، ولم يقبل عَلَيْهِ كما كَانَ يقبل لكلام النَّاس فِي إجلاسه إياه عَلَى سريره، فلما دنا زفر من السرير قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقبض رجلك عَن مجلس خالك، وفه لي بما أخذت عَلَيْهِ صفقتي ونلت بِهِ طاعتي فقبض رجله وجلس زفر.

وَقَالَ ابْن الْكَلْبِيّ: قوله خالك يعني أن أم عبد شمس من بني سليم، وأم أبيه آمنة بنت أبان بن كليب بن ربيعة بن عامر.

قالوا: وَكَانَ ممن يتكلم فِي أمر زفر عند عَبْد الْمَلِكِ خالد بْن يَزِيدَ بْن مُعَاوِيَةَ فَقَالَ زفر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015