الكندي والحجاج بْن يوسف الثقفي، فأتيا زفر بالكتاب وكلّماه فأبى الصلح، وحضرت الصلاة فصلّى رجاء مَعَ زفر، وصلى الحجاج وحده، وَقَالَ: لا أصلي مَعَ مشاق منافق، فلما انصرفا قَالَ عَبْد الْمَلِكِ لرجاء: كيف لم تفعل مَا فعل الحجاج؟ قَالَ: مَا كنت لأدع الصلاة مَعَ قوم يقيمونها وأصلي وحدي.

وَقَالَ الهذيل بْن زفر لأبيه: لو صالحت هذا الرجل فقد أكلتك وقومك الحرب وأنت مذ سنون فِي هذه المدينة وقد أعطى النَّاس الرجل طاعتهم، واجتمعوا عَلَيْهِ، وهو خير لك من ابْن الزُّبَيْرِ، وأمر عَبْد الْمَلِكِ مُحَمَّد بْن مروان أن يعرض عَلَى زفر وابنه الهذيل الأمان عَلَى أنفسهما ومن معهما، وأن يعطيا مَا أحبا، ففعل مُحَمَّد ذَلِكَ فأجاب الهذيل، وكلم أباه فأجاب عَلَى أن لَهُ الخيار عَلَيْهِ، فبينا الرسل تختلف فِي ذَلِكَ، إذ جاء رجل من كلب إِلَى عَبْد الْمَلِكِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قد هدمت أربعة أبرجة، فَقَالَ عَبْد الْمَلِكِ:

لا أصالحهم وناهضهم فهزموا أصحابه حَتَّى دخلوا عسكره، وأزالوه عَن موقعه، فَقَالَ: أعطوهم مَا أرادوا، فَقَالَ زفر: كَانَ هذا قبل هذه الحال أمثل، قَالَ: واستقر صلح زفر عَلَى أن آمنه عَبْد الْمَلِكِ وابنه وكل من كَانَ مَعَ زفر وعلى وضع الدماء والأموال، وأن لا يقاتل زفر مَعَ عَبْد الْمَلِكِ، ولا يقاتل لَهُ حَتَّى يموت عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْرِ لبيعته لَهُ، وأن يعطى مالا يقسمه فِي أصحابه، وخاف زفر أن يغدر بِهِ عَبْد الْمَلِكِ كما غدر بعمرو بْن سعيد الأشدق، فتوقف عَن إتيانه حَتَّى بعث إِلَيْهِ بقضيب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمانا لَهُ.

وَحَدَّثَنِي حَفْصُ بْن عُمَرَ الْعُمَرِيُّ عَن الْهَيْثَم بْنِ عدي عن يعقوب بن داود قال: لما تم الصلح بين عَبْد الْمَلِكِ (وزفر) خرج إِلَيْهِ فرأى قلة أصحابه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015