وولّى رسول الله صلّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمْرو بْن سَعِيد قرى عربية «1» منها تبوك وخيبر وفدك واستشهد يَوْم أجنادين بالشام، ويقال: يَوْم فحل بالأردن، وأمه صفية بنت المغيرة بْن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر بْن مخزوم.
ويكنى أبا الْوَلِيد وأمه صفيّة بنت المغيرة وكان مقيما بمكة حَتَّى قدم خَالِد وعمرو ابنا أَبِي أحيحة من أرض الحبشة، فكتبا إِلَيْهِ يدعوانه إِلَى الإِسْلام فأجابهما وخرج حَتَّى أتى الْمَدِينَةَ مسلمًا، وصار معهما إِلَى خيبر، وَكَانَ أبان أجار عُثْمَان بْن عَفَّان وأنزله حِينَ دَخَلَ مَكَّة فِي عمرة القضية، وأبان يَوْمَئِذٍ كافر، ولما رأى أَبُو أحيحة أَن عمرًا وخالدًا قَدْ أسلما غمه ذَلِكَ، فشخص إِلَى الطائف فاعتزل فِي مال لَهُ هناك، وَمَاتَ بَعْد الهجرة بسنة أَوْ سنتين وَلَهُ تسعون سنة، فلما غزا «2» رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطائف رأى ابو بكر قبر أبي أحيحة مشرفًا قَالَ: لعن اللَّه صاحب هَذَا القبر فَإِنَّهُ كَانَ مِمَّن يحاد اللَّه ورسوله، فَقَالَ ابناه عَمْرو وأبان، وهما مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَل لعن اللَّه أبا قحافة فَإِنَّهُ كَانَ لا يَقري الضيف ولا يمنع الضيم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [سب الأموات يؤذي الأحياء فَإِذَا سببتم فعموا] .
1106- وَحَدَّثَنِي عَبَّاس بْن هِشَام الكلبي عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْن خربوذ «3» عن مشايخ اهل مكة انّ أبا أحيحة مَاتَ بالظريبة، وَكَانَ عَمْرو وخالد ابناه مهاجرين بالحبشة، فكتبا إِلَى أبان أخيهما يدعوانه إِلَى الإِسْلام واللحاق بهما فَقَالَ «4» :
ألا ليت ميتا بالظريبة شاهد ... لما يفتري فِي الدين عَمْرو وخالد
أطاعا بنا أمر الغواة فأصبحا ... يعينان من أعدائنا ما نكابد