314- المدائني عن عتاب بْن إبراهيم أن مُعَاوِيَة استعمل على الصائفة وقد جاشت الروم عَبْد الرَّحْمَنِ بْن خَالِد بْن الْوَليِد وكتب لَهُ عهدا ثُمَّ قَالَ له: ما تصنع بعهدي هذا؟
قَالَ: أتخذه إمامًا فلا أتجاوزه، قَالَ: رد علي عهدي، فَقَالَ: أتعزلني ولم تخبرني؟ أما واللَّه لو كنا ببطن مَكَّة عَلَى السواء ما فعلت بي هذا، فَقَالَ: لو كنا ببطن مَكَّة كنت مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان بْن حرب، وكنت عَبْد الرَّحْمَنِ بْن خَالِد بْن الْوَليِد، وَكَانَ منزلي بالأبطح، وَكَانَ منزلك بأجياد، أعلاه مدرة وأسفله عذرة. ثُمَّ بعث إِلَى سُفْيَان بْن عوف الغامدي فَقَالَ له: قد وليتك الصائفة وَهَذَا عهدي، فما أنت صانع به؟ قَالَ: اتخذه إماما مَا أم الحزم، فإذا خالفه أعملت رأيي «1» ، وباللَّه التوفيق. قَالَ مُعَاوِيَةُ:
أنت لها، فلما ودعه قَالَ: هذا واللَّه الذي لا يدفع عَنْ نطق، وَلا يكفكف من عجلة، وَلا يضرب عَلَى الأمور ضرب الجمل الثفال، فغزا بالناس الصائفة، ثم هلك فاستخلف عبد الرحمن بْن مسعدة الفزاري وَقَالَ لَهُ: احرص عَلَى أن ترجع بالناس سالمين، فغزا بهم فأصيبوا ورجع منهزما، وقد كَانَ الشاعر قَالَ فِيهِ «2» :
أقم يا ابْن مسعود قناة قويمة «3» ... كما كَانَ سُفْيَان بْن عَوْفٍ يقيمها
وسمْ يَا ابْن مَسْعُود مدائن قيصر ... كما كَانَ سُفْيَان بْن عَوْفٍ يسومها
(737) فلما قدم عَلَى مُعَاوِيَة قَالَ: «أقم يا ابْن مسعود» فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قرنتني إِلَى رجل قل أشباهه فِي حزمه، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: إن من فضلك عندي معرفتك بفضل من هُوَ أفضل منك، ولكنك قلت هذه أول ولا يأتي ومحني فحرصت فغررت، والله يغفر لك.