فَقَالَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ لأَبِيهِ: مَا يَمْنَعُكَ مِنْ ضَرْبِهِ مِائَةَ سَوْطٍ؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ أَضْرِبُهُ وَهُوَ حَلِيفُ مُعَاوِيَةَ؟! فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِسَعِيدٍ: أَمْرُكَ أَحْمَقُكَ أَنْ تَضْرِبَ حَلِيفِي، واللَّهِ لَوْ ضَرَبْتَهُ مِائَةَ سَوْطٍ لَضَرَبْتُكَ مِائَتَين، وَلَوْ قَطَعْتَ يَدَهُ لَقَطَعْتُ يَدَيْكَ، قَالَ: (734) غَفْرًا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَإِنَّكَ ضَرَبْتَ حَلِيفَكَ عَمْرَو بْنَ جَبَلَةَ، قَالَ: إِنِّي آكُلُ لَحْمِي وَلا أُوكِلُهُ «1» .
305- الْمَدَائِنِيُّ عَنْ جُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءَ قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ لِشَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ: أَنَا أَفْضَلُ أَمْ عَلِيٌّ، وَأَيُّنَا أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: عَلِيٌّ أَقْدَمُ إِسْلامًا وَهِجْرَةً، وَأَكْرَمُ بَيْتًا وَعِتْرَةً، وَأَقْدَمُ لِنَبِيِّ اللَّهِ نُصْرَةً، وَأَشَدُّ إِلَى الْخَيْرِ سَبْقًا، وَأَشْجَعُ نَفْسًا وَأَسْلَمُ قَلْبًا، وَأَمَّا الْحُبُّ فَقَدْ مَضَى عَلِيٌّ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَأَنْتَ الْيَوْمَ عِنْدَ النَّاسِ أَرْجَى مِنْهُ.
306- الْمَدَائِنِيّ قَالَ، قَالَ مُعَاوِيَةُ لرجل من اليهود: هل تروي من شعر أبيك شيئًا؟ قَالَ: أي شعره أردت؟ قَالَ: أبياتًا كانت قريش تستحسنها، فأنشده:
هل أضرب الكبش فِي ملمومة قدمًا ... أم هل سمعت بشر كان لي نشرًا
أم هل يلومنني «2» قوم إذا نزلوا ... أم هل يقولن «3»
يومًا قائل بسرا
نقريهم الوجه ثم البشر «4»
يتبعه ... لا يمنع العرف منا قل أو كثرا
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: أنا أحق بهذا الشعر من أبيك، فَقَالَ اليهودي: لا لعمر اللَّه لأبي أحق بها إذ سبق إليها، فاستلقى مُعَاوِيَة ووضع ساعده على وجهه، فَقَالَ الوليد بْن عقبة وعبد الرحمن بْن أم الحكم: اسكت يا ابْن اليهودية، وشتماه، فَقَالَ: كفا عَنْ شتمي وإلا شتمت صاحب السرير، فرفع مُعَاوِيَة رأسه ضاحكًا ثم قَالَ: كفا عنه يكفّ عنّي، ثمّ قال