وَجَعَلَ فِي التَّقْوَى رِضَاهُ، عَلَى ذَلِكَ مَضَى أَوَّلُ الأُمَّةِ، وَعَلَيْهِ يَمْضِي آخِرُهُمْ، أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الآخِرَةَ وَعْدٌ صَادِقٌ، يَحْكُمُ فِيهَا مَلِكٌ قَادِرٌ، وَإِنَّ الدُّنْيَا أَجَلٌ «1»

حَاضِرٌ، يَأْكُلُ فِيهَا الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، وَإِنَّ السَّامِعَ الْمُطِيعَ لا حُجَّةَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ السَّامِعَ الْعَاصِي لا حُجَّةَ لَهُ «2»

، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ بِالنَّاسِ صَلاحًا عَمَّلَ «3»

عَلَيْهِمْ صُلَحَاؤُهُمْ، وَقَضَى بَيْنَهُمْ فُقَهَاؤُهُمْ، وَجَعَلَ الْمَالَ فِي سُمَحَائِهِمْ، وَإِذَا أَرَادَ بِالْعِبَادِ شَرًّا عَمَّلَ عَلَيْهِمْ سُفَهَاؤُهُمْ، وَقَضَى بَيْنَهُمْ جُهَلاؤُهُمْ، وَجَعَلَ الْمَالَ عِنْدَ بُخَلائِهِمْ، وَإِنَّ مِنْ صَلاحِ الْوُلاةِ أَنْ تَصْلُحَ قَرَابِينُهَا «4»

وَوُزَرَاؤُهَا، نَصَحَكَ يَا مُعَاوِيَةُ مَنْ أَسْخَطَكَ بِالْحَقِّ، وَغَشَّكَ مَنْ أَرْضَاكَ بِالْبَاطِلِ، فَكَرِهَ معاوية أن يجيء بِشَيْءٍ يَكْرَهُهُ فَقَالَ: اجْلِسْ رَحِمَكَ اللَّهُ، وَأَمَرَ لَهُ بِمَالٍ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: أَلَسْتَ مِنَ السُّمَحَاءِ؟ قَالَ: إِنْ كَانَ مِنْ مَالِكَ دُونَ مَالِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا تَعَهَّدْتَهُ عِنْدَ جَمْعِهِ مَخَافَةَ تَبِعَتِهِ، وتعهّده لَكَ مَنْ مَحَضَّكَ النُّصْحَ وَآثَرَ الْحَقَّ، وَإِنْ كُنْتَ أَصَبْتَهُ اقْتِرَافًا وَأَنْفَقْتَهُ إِسْرَافًا فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ (الإسراء: 27) .

304- وقال العتبي: دخل عبد الرحمن بن سيحان «5»

، وَكَانَ أَبُوهُ حَلِيفًا لِحَرْبٍ، عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ: قُلْتُ:

إِنِّي لأَشْرَبُهَا «6» حتى تميل بنا ... كما تمايل وسنان بوسنان

قَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ أَشْرَبَ الْخَمْرَ وَأَصِفَهَا، وَلَكِنِّي الَّذِي أَقُولُ:

عَمَدْتُ بِحِلْفِي لِلطِّوَالِ «7» وَلِلذُّرَى ... ولم تلقني «8»

كالنّسي في ملتقى الحرب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015