فالسلم تأخذ منها ما رضيت به ... والحرب يكفيك من أنفاسها الجرع
241- الْمَدَائِنِيُّ عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن العجلاني قال، قال معاوية يوما وَهُوَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ: مَنْ يكفيني ابن الزبير، فو الله مَا أَرَدْتُ أَمْرًا إِلا عَانَدَ فِيهِ، وَلا تَكَلَّمْتُ فِي شَيْءٍ إِلا اعْتَرَضَ فِي قَوْلِي، وَهُوَ بَعْدُ غُلامٌ مِنْ غِلْمَانِ قُرَيْشٍ، إِلا أَنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ بِالأَفَنِ وَإِنْ كَانَ حَدِيثَ السِّنِّ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: ضَمَنْتُ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ أُلَيِّنَ عَرِيكَتَهُ، وَأُذْهِبَ نَخْوَتَهُ، وَأُخْرِسَ لِسَانَهُ، وَأَعْدِمَهُ بَيَانَهُ، حَتَّى أَدَعَهُ أَلْيَنَ مِنْ خَمِيرَةِ مَرِيثَةٍ، وَأَذَلَّ مِنْ نَقْدَةٍ «1» ، عَلَى أَنْ تُرْفِدَنِي وَتَقْضِيَ حَوَائِجِي، قَالَ: نَعَمْ، وَجَاءَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَقَدْ بَلَغَهُ الْخَبَرُ، فَنَكَتَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فِي الأَرْضِ ثُمَّ قَالَ:
وإنّي لَنَارٌ مَا يُرَامُ اصْطِلاؤُهَا ... لَدَى كُلِّ أَمْرٍ مُعْضِلٍ مُتَفَاقِمِ «2»
فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مُجِيبًا لَهُ:
وَإِنِّي لَبَحْرٌ مَا يُسَامَى عُبَابُهُ ... مَتَى يَلْقَ بَحْرِي حَرَّ نَارِكَ تَخْمَدِ
فَقَالَ عَمْرٌو: مَهْلا يا ابن الزُّبَيْرِ فَإِنَّكَ لا تَزَالُ مُتَجَلْبِبًا جَلابِيبَ التِّيهِ «3» ، مُؤْتَزِرًا بِوَصَائِلِ التَّهَكُّمِ، تَعَاطَى الأَقْوَرَيْنِ «4» وَلَسْتَ مِنْ قُرَيْشٍ فِي لُبَابِ حَسَبِهَا وَلا مُؤْنِقِ جَوْهَرِهَا، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ تجلبي جَلابِيبَ التِّيهِ وَائْتِزَارِي بِوَصَائِلِ التَّهَكُمِّ فَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ، لَقَدْ عَرَفَ مَنْ عَرَفَنِي أَنَّ الأُبَّهَةَ لَيْسَتْ مِنْ شَأْنِي، وَإِنَّكَ لأَنْتَ الْمَتُوهُ فِي وَادِي الضَّلالَةِ، (721) الْمُسْتَشْعِرُ جَخَائِفَ «5» الْكِبْرِ، الْلابِسُ لِلسُّبَّةِ، الْمُتَجَرْثِمُ جَرَاثِيمَ الْبَطَالَةِ، السَّاهِي عَنْ كُلِّ مُرُوءَةٍ وَخَيْرٍ، وَايْمُ اللَّهِ لَتَنْتَهِيَنَّ عَنْ تَنَاوُلِكَ القلل الشامخة