فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: يَا مَعْشَر الأَنْصَارِ بِمَاذَا تَطْلُبُونَ مَا قِبَلِي؟ وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُمْ قَلِيلا مَعِي كَثِيرًا عَلَيَّ «1» ، وَلَقَدْ فَلَلْتُمْ حَدِّي يَوْمَ صِفِّينَ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَنَايَا تَلَظَّى فِي أَسِنَّتِكُمْ، وَهَجَوْتُمُونِي بِأَشَدَّ مِنْ وَخْزِ الأَشَافِي، حَتَّى إِذَا أَقَامَ اللَّهُ مَا حَاوَلْتُمْ مَيْلَهُ قُلْتُمُ ارْعَ فِينَا وَصِيَّةُ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ يَأْبَى الْحَقِينُ الْعُذْرَةَ «2» ، فَقَالَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ: إِنَّا نَطْلُبُ مَا عِنْدَكَ بِالإِسْلامِ الْكَافِي بِهِ اللَّهُ فَقْدَ مَا سِوَاهُ لا بما تمتّ به إِلَيْكَ الأَحْزَابُ، وَأَمَّا عَدَاوَتُنَا لَكَ فَلَوْ شِئْتَ كَفَفْتَهَا عَنْكَ، وَأَمَّا هِجَاؤُنَا إِيَّاكَ فَقَوْلٌ يَزُولُ بَاطِلُهُ وَيَثْبُتُ حَقُّهُ، وَأَمَّا اسْتِقَامَةُ الأَمْرِ لَكَ فَعَلَى كُرْهٍ كَانَ مِنَّا، وَأَمَّا فَلُّنَا حَدَّكَ يَوْمَ صِفِّينَ فَإِنَّا «3» كُنَّا مَعَ رَجُلٍ نَرَى طَاعَتَهُ للَّهِ طَاعَةً، وَأَمَّا وَصِيَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَا فَإِنَّ مَنْ آمَنَ بِهِ رَعَاهَا بَعْدَهُ، وَأَمَّا قَوْلُكَ يَأْبَى الْحَقِينُ الْعُذْرَةَ فَلَيْسَ دُونَ اللَّهِ يَدٌ تَحْجِزُكَ، فَشَأْنُكَ يَا مُعَاوِيَةُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: سَوْءَةٌ (714) ارْفَعُوا حَوَائِجَكُمْ، فَرَفَعُوهَا فَقَضَاهَا.
197- الْمَدَائِنِيّ عَنْ مسلمة بْن محارب قال: هجا عقيبة الأسدي أبا بردة بْن أبي موسى فَقَالَ:
أنت امرؤ فِي الأشعرين مقابل ... وبالبيت والبطحاء أنت غريب
وما كنت من حداث أمك بالضحى ... ولا من يزكيها «4» بظهر مغيب
فشخص أَبُو بردة إلى مُعَاوِيَة فشكا عقيبة، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لم يهجك، قَالَ أنت بالبطحاء غريب وقد صدق، وجعلك مقابلًا فِي قومك وأنه لم يكن من حداث أمك، وقد قَالَ لي أشد مما قَالَ لك:
أكلتم «5» أرضنا فجردتموها «6» ... فهل من قائم أو من حصيد