سفكت دماؤها واختلف ملأها «1» وَسُفِّهَتْ أَحْلامُهَا «2» ؟ فَقَالَ: قَتْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ، فَقَالَ: صَدَقْتَ، وَالْخِلافَةُ لا تَصْلُحُ لِمُنَافِقٍ وَلا ذِي دُعَابَةٍ- يُعَرِّضُ بِعَلِيٍّ وَأَنَّ زِيَادًا كَانَ مِنْ أَعْوَانِهِ- فَفَطِنَ زِيَادٌ فَقَالَ: رَاجِزٌ رَجَزَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ عَنْ أَمْرِي وَلَقَدْ زَجَرْتُهُ وَنَهَرْتُهُ، فَقَبِلَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةُ.
96- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سعد عن الواقدي عن ابن أبي الزناد عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا صَارَ مُعَاوِيَةُ بِالأَبْوَاءِ فِي حَجَّتِهِ اطَّلَعَ فِي بِئْرٍ «3» فَأَصَابَتْهُ اللِّقْوَةُ، فَقَالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ لبعرضِ خَيْرٍ، إِمَّا ابْتُلِيَ فأجر، وإمّا عُوفِيَ فَشَكَرَ، وَإِمَّا عُوقِبَ بِذَنْبٍ فَمُحِّصَ، وَلَئِنِ ابْتُلِيتُ لَقَدِ ابْتُلِيَ الصَّالِحُونَ، وَلَئِنْ مَرِضَ عُضْوٌ مِنِّي فَمَا أُحْصِي صَحِيحِي «4» ، وَلَمَّا عُوفِيتُ أَكْثَرُ، وإنّي اليوم ابن بضع وسبعين سنة، وما لي عَلَى رَبِّي أَكْثَرُ مِمَّا أَعْطَانِي، فَرَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا دَعَا لِي «5» بِالْعَافِيَةِ، فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ: جَزِعْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: يَا مَرْوَانُ إِنِّي قَدْ رَقَقْتُ وَذَكَرْتُ مَا كُنْتُ عَنْهُ عَزُوفًا، وَقَدِ ابْتُلِيتُ فِي أَحْسَنِي، وَخِفْتُ أَنْ يَكُونَ عُقَوبَةً مِنْ رَبِّي، وَلَوْلا هَوَايَ فِي يَزِيدَ لأَبْصَرْتُ رُشْدِي «6» .
97- الْمَدَائِنِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ مُعَاوِيَةَ أَوْصَى بِنِصْفِ مَالِهِ أَنْ يُرَدَّ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ، كَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَطِيبَ لَهُ الْبَاقِي لأَنَّ عُمَرَ قاسم عمّاله «7» .