المبلولة وجعلت طاقات كَانَ ذَلِكَ أنفى [1] للحر وأوسع فِي المبيت والمقيل، فَقَالَ الْمَنْصُور: أَوْ غَيْر ذَلِكَ يَا عم، يعمد إِلَى هَذَا الخيش الَّذِي يَأْتِي فِيهِ القند والأمتعة من مصر فيغسل وينظف ثُمَّ يبل [2] وتغشى بِهِ القبة مخيطًا عَلَيْهَا فَإِنَّهُ أحبس لرطوبة الماء وأبطأ جفوفًا، فأمر الْمَنْصُور بِذَلِك وتتبع الخيش فاشتري من التجار، وأمر فكتب إِلَى مصر فِي اتخاذ شقاق الخيش ووجه فِي ذَلِكَ رسولًا حمله فاستعمله ثُمَّ استعمله النَّاس. وكانت للمهدي فِي أَيَّام أَبِيهِ قبة تنقل من مقيله إِلَى مبيته ومن مبيته إِلَى مقيله، وَكَانَ أول من اتخذ لَهُ الخيش الأبيض المهدي في خلافته. قال:

وكانت الخيزران أول من اتخذ السرايح.

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْن مَالِك قَالَ: كَانَ أول من اتخذ الشمع الغلاظ الَّتِي فِيهَا الأمناء الْوَلِيد بْن يَزِيد ثُمَّ صَالِح بْن عَلِي بمصر، وإنما كَانَتْ لبني أميَّة وَمَنْ قبلَهم من الملوك بالشام سِوَى الْوَلِيد شمعٌ فِي الشمعة منها الرطلان والثلاثة الأرطال وكانت لَهَا أتوار صغار فِي التور منها شوكة ترزّ الشمعة فِيهَا أَوْ [3] مسرجة عَلَيْهَا شوكة.

وَحَدَّثَنِي الْمَدَائِنِي عَنْ أَبِي الْيَقْظَانِ عَنْ جُوَيْرِيَةَ، قَالَ: كتب أَبُو بكر بن محمد ابن عَمْرو بْن حزم [4] إِلَى عُمَر بْن عَبْدِ الْعَزِيز، وَهُوَ عامله عَلَى الْمَدِينَةِ: إِن من قبلي من الأمراء كَانَ يجري عَلَيْهِم رزق للشمع [5] ، فكتب إِلَيْهِ: إنك طال مَا مشيت فِي طرق الْمَدِينَةِ (649) بلا شمع يُمشى بِهِ [6] بَيْنَ يديك فأعرض عَنْ هَذَا ولا تعاودني فِيهِ. وَحَدَّثَنِي أَبُو اليسع الأنطاكي عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتْ ملوك بَنِي أمية تستصبح بالزيت فِي القناديل ويُمشى بَيْنَ أيديها بالشمع الطوال التي طول الواحدة منها ثلاثة أشبار وَكَانَ من دونهم يستعملون من الشمع الفتايل المثني بَعْضهَا عَلَى بَعْض، فلما كَانَ يَزِيد بْن عَبْدِ الْمَلِك اتخذ لَهُ من الشمع الطوال مَا فِيهِ ستة أرطال أَوْ أَكْثَر من ذَلِكَ، ثُمَّ أسرف الوليد في استعمال الشمع في مجالسه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015