يَا معنُ كنت بداءة الكرم ... وغنى المُقلِّ وطاردَ العدم
فسطا عليك الدهرُ مقتدرًا ... بصوائب من صرفه غُشُم
وأراك لَمْ تترك لنا خلفًا ... يأوي إِلَى فضل ولا كرم
فعليك يَا معن السَّلام فَمَا ... أبقيت معتصمًا لمعتصم
وأنشدني الفضل بْن زِيَاد من ولده لبعضهم:
كَانَتْ سحائب معن الخير تمطرنا ... فَقَدْ تولى فلا معنٌ ولا مطرُ
مَن للجفانِ إِذَا عز القِرى رذما ... وللطعان إِذَا مَا استشعر الحصرُ
وبلغني أَن رجلًا مدح مَعْنًا فَقَالَ [1] :
أتيتُكَ إذ لَمْ يبقَ غيرك جَابِر ... ولا واهبٌ يعطي اللهى والرغائبا
فَقَالَ معنٌ: يَا أَخَا بَنِي أسد لَيْسَ هَذَا بمديح إِنَّمَا المديح قول اخي بني تميم مسمع بْن مَالِك حِينَ قَالَ:
قَلَّدَتْه عرى الأمور نزار ... قبل أَن يَهلِك [2] السُّراةُ البحورُ
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْن مَالِك الكاتب قَالَ: أصاب عِيسَى بْن عَلِي فِي بَعْض الليالي حر شديد فبُل لَهُ إزار فنام فِيهِ، فَلَمَّا أصبح قَالَ لَهُ الْمَنْصُور: يَا عم كَيْفَ كنت فِي ليلتك من هَذَا الحر؟ فَقَالَ: بللت إزارًا ونمت فِيهِ فكنتُ بخير ونمتُ أطيب نوم، فَقَالَ: وأنا والله أمرت فبُلّ لي ثوبٌ فنمتُ فِيهِ ثُمَّ لَمْ أزل أرَوِّح.
ثُمَّ إِن الْمَنْصُور فكّر فأمر فأتي بكرابيس غلاظٍ ثخانٍ فبُلّت وجعلت عَلَى ثلاثة أعواد مثل السبائك ونام تحتها، ثُمَّ أخبر عِيسَى بْن عَلِي بِمَا صنع واتخذ عِيسَى مثل ذَلِكَ. ثُمَّ قَالَ عِيسَى: يَا أمِير الْمُؤْمِنيِنَ لو اتخذت قبة ثم غشيت بمثل هذه الكرابيس