النَّاس إليهن معنا وأنت أولى النَّاس بهن بعدنا وَقَدْ خفْنَ لخوفنا ومن خافَ خيفَ عَلَيْهِ. قَالَ: فبكي ثُمَّ قَالَ: يَا ابْن أَخِي يحقن [1] اللَّه دَمَكَ ويحفظك [2] فِي حرمك ويوفر [3] عليك مَالِك ولو أمكنني ذَلِكَ فِي جَمِيع أهلك لفعلت، فكن متواريًا كظاهر ولتأتني رقاعك فِي حوائجك وأمورك. قَالَ: فكنت والله أكتب إِلَيْهِ كَمَا يكتب الرجل إِلَى أَبِيهِ وعمه. قَالَ: فَلَمَّا فرغ من حَدِيثه رددتُ عَلَيْهِ طيلسانُه، فَقَالَ: مهلًا فَإِن ثيابنَا إِن فارقتنا لَمْ ترجع إلينا.
وَقَالَ عَبْد اللَّهِ بْن عَلِي لسليمان: اخرج بنا إِلَى بَعْض المتنزهات، فخرجا ومعهما حميد الطويل فمرا بمنزل عَطَاء السليمي فدخلوا عَلَيْهِ فلم يزل يعظهم حَتَّى بكى سُلَيْمَان وأمر بِمَا حمل مَعَهُ من الطعام أَن يتصدق بِهِ عَلَى فقراء الخريبة [4] وانصرف، فجعل عَبْد اللَّهِ بْن عَلِي يَقُول: مَا لنا ولعطاء السليمي.
وحدثت أَن سُلَيْمَان بْن عَلِي أعتق خلقًا، كَانَ يعتق فِي كُل عشية عَرَفَة مائة نسمة، فَهُمْ متفرقون بالبصرة، فَإِذَا كَانَتْ كتب [5] لعطاء: اكتبوا فِي الموالي، وكانوا يُشترون لَهُ فِي سائر السنة فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ اليوم أعتقهم. ويقال إنه أنفق فِي الموسم فِي صِلاتِ قريش والأنصار وسائر النَّاس فِي الصدقات خمسة آلاف ألف درهم ويقال ألف ألف درهم. وتوفي فِي سنة اثنتين وأربعين ومائة وَهُوَ ابْن ثَلاث وستين سنة وصلى عَلَيْهِ عَبْد الصمد بْن عَلِي.
وَقَالَ أَبُو نخيلة [6] فِي سُلَيْمَان بْن عَلِي:
جاورتُ بالبصرة [7] قرما ماجدًا ... أمسى لسادات الرجال سائدا
بنو عَلِي فرجوا الشدائدا ... أكرم بِهِمْ وبعلي والدا
يَا خير خلق مُقدمًا وصافدا