وسار جارية بْن قدامة السعدي حَتَّى أتى اليمن فحرق بِهَا وقتل قوما من شيعة عثمان، وطلب بسرا فهرب (منه) فاتبعه إِلَى مَكَّة، وظفر بقوم من أصحابه فقتلهم. وَقَالَ جارية لأهل مَكَّة. يَا عباد اللَّه بايعوا أمير الْمُؤْمِنِينَ عَلِيًّا. فَقَالُوا: إنه قد هلك. قَالَ: فبايعوا لمن/ 423/ بايعه أصحاب علي ففعلوا ذَلِكَ. ثُمَّ أتى الْمَدِينَة وقد اصطلح أهلها (على) أن يصلي بهم أَبُو هريرة، فَقَالَ لهم جارية: يَا عباد اللَّه بايعوا للحسن بْن علي. فبايعوه ثُمَّ أقبل نحو الْكُوفَة وتركهم فردوا أبا هريرة فصلى بهم حَتَّى اصطلح النَّاس.
وأما وهب بْن مسعود الخثعمي فسار فلم يلحق بسرًا، ولم يظفر بأحد من أصحابه ويقال: إن عَلِيًّا رده من الطريق.
«497» وَحَدَّثَنَا أَبُو مسعود الْكُوفِيّ، عَن عوانة، أن وائل بْن حجر الْحَضْرَمِيّ، كَانَ عثمانيا فاستأذن عَلِيًّا فِي إتيان اليمن ليصلح لَهُ مَا هناك، ثُمَّ تعجل الرجوع فأذن لَهُ فِي ذلك (فذهب) فمالأ بسرًا وأعانه عَلَى شيعة علي.
«498» وَحَدَّثَنِي عباس بن هشام الكلبي عن أبيه، عَنْ أَبِي مِخْنَفٍ فِي إِسْنَادِهِ: أَنَّ عَلِيًّا لَمَّا بَلَغَهُ خَبَرُ بُسْرِ بْنِ أَبِي أَرْطَاةَ، وَتَوْجِيهِ مُعَاوِيَةَ إِيَّاهُ صَعَدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي دَعَوْتُكُمْ عودا وبدءا (ظ) وَسِرًّا وَجَهْرًا، فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَالْغُدُوِّ وَالآصَالِ، فَمَا زَادَكُمْ دُعَائِي إِلا فِرَارًا، وَإِدْبَارًا، أَمَا يَنْفَعُكُمُ الْعِظَةُ وَالدُّعَاءُ إِلَى الْهُدَى؟!! وَإِنِّي لَعَالِمٌ بِمَا يُصْلِحُكُمْ وَيُقِيمُ أَوَدَكُمْ، وَلَكِنِّي وَاللَّهِ لا أَرَى إِصْلاحَكُمْ بِفَسَادِ نَفْسِي، إِنَّ مِنْ ذُلِّ الْمُسْلِمِينَ وَهَلاكِ هَذَا الدِّينِ أَنَّ ابْنَ أَبِي سفيان يدعوا الأَشْرَارَ فَيُجَابُ [1] وَأَدْعُوكُمْ وَأَنْتُمُ الأَفْضَلُونَ الأَخْيَارُ فَتُرَاوِغُونَ وتدافعون» .