ويؤيده الإتيان بالواو العاطفة في قوله: وقال: بايعناه وقد ارتفع بهذا التفسير الذي نهجت طريقة الإشكال الذي بين حّديثي عبادة وأبي هريرة وأنّه - صلّى الله عليه وسلم - كان يقول: "أوَّلا لَا أَدْري الْحُدُود كَفَّارة لِأَهْلِهَا أمْ لَا" حتّى سمعه أبو هريرة منه ثمّ أعلمه الله أنّ الحدود كفارة فسمعه عبادة بسماعه منه بعد ذلك ولم يَسمعه أبو هريرة (?).
قال (ع): ويبطله أنّ أبا هريرة صرح بسماعه من النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - بعد ما سمعه من صحابي آخر فلذلك صرح بالسماع وهذا غير ممنوع ولا محال (?).
قال (ح): هذا لا يغير شيئًا لأنّه يبقى الإِشكال الأوّل على حالة إذا بنينا على أنّ حديث عبادة متقدم وحديث أبي هريرة متأخر.
قال (ع): الثّاني يحتمل أنّه صرح بالسماع من النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - لتوقفه بالسماع من صحابي آخر فإن الصّحابة كلهم عدول لا يتوهم فيهم الكذب (?).
قال (ح): قوله: الصّحابة كلهم عدول مسلم، لكن لا يعرف عن أحد منهم ولا عمن بعدهم من أهل الصدق أن يقول: سمعت النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -، ومراده أنّه سمع ذلك ممّن سمعه منه، ولو وجد ذلك لما بقي معنى ما يفصل المنقطع من المتصل، ولو اطرد هذا التجوز لما تميز حديث المدلس إذا صرح من حديثه وإذا عنعن.
قال (ع): وقوله: والحدود لم تكن نزلت إذ ذاك لا يلزم منه أنّ الحدود تكون كفارات في المستقبل (?).
قال (ح): فينحل إلى أن التقدير من أذنب ذنبًا بعد أن نزلت الحدود